للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقطان كان قل من يرضى من الرواة، كما قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو بن علقمة: كيف هو؟ قال: " تريد العفو أو تشدد؟ "، قلت: بل أشدد، قال: " فليس هو ممن تريد، كان يقول: حدثنا أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب (١)، قال يحيى: " وسألت مالكاً عنه؟ فقال فيه نحواً مما قلت لك " (٢).

وابن معين كانت تحمله الغيرة على حديث النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يقول من العبارة ما يتحصل المقصود بدونه، ككلامه في سويد بن سعيد وعلي بن عاصم.

وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسي: سألت الإمام أبا القاسم سعد بن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة، فوثقه، فقلت: إن أبا عبد الرحمن النسائي ضعفه، فقال: " يا بني، إن لأبي عبد الرحمن في الرجال شرطاً أشد من شرط البخاري ومسلم " (٣).

ولكن الشأن فيما إذا تعارض قول أحدهم مع قول ناقد سواه، فنلاحظ ما يحتمل وروده بسبب ما عرف عنهم من الشدة، كما نلاحظ من آخرين ما يمكن أن يكون في تعديلهم، بسبب ما ذكروا به من التساهل، كابن حبان.

الاعتبار الثالث: النظر والإنشاء، للمتقدمين، والتحرير والترجيح، للمتأخرين.

والمقصود أن لا تقيم التعارض مثلاً بين جرح أبي حاتم الرازي وتوثيق الذهبي، من أجل أن أبا حاتم إنما جرح بمقتضى بحثه ودرايته بحال الراوي واختبار حديثه، والذهبي وثق ترجيحاً لقول من خالف أبا حاتم من النقاد، باتباع قوانين الترجيح التي نحن في صدد بيانها.


(١) يعني كانَ يجمع الشيوخ.
(٢) أخرجه ابن عدي في " الكامل " (٧/ ٤٥٦) والعُقيلي في " الضعفاء " (٤/ ١٠٨) وإسناده صحيح، وهو في " الجرح والتعديل " (٤/ ١ / ٣١) باختصار.
(٣) شروط الأئمة الستة، لابن طاهر (ص: ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>