ثم قال:"والدار الآخرة خير "، على هذا نظم هذا الكلام وليس فيه ما يقتضى قسما فلم تدخله تلك اللام.
والجواب عن السؤال الثانى: أن جرى النعت بلفظ الآخرة على الدار فى الآيتين وجهه مطابقة ما تقدم قبل كل واحدة من الآيتين أما فى آية الأنعام فقوله تعالى مخبرا عنهم: "وقالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا " فطابق هذا قوله تعالى: "وللدار الآخرة خير " وأما آية الأعراف فقوله تعالى: "فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى " المراد به الدار الدنيا فقوبل بقوله: "والدار الآخرة خير " وهذا بين ولما لم يتقدم مثل ذلك قبل آية يوسف ورد لفظ الدار مضافا بغير الألف واللام فيه فقيل: "ولدار الآخرة خير " وجاء كل على ما يجب ويناسب، والله أعلم.
والجواب عن السؤال الثالث: ان قوله تعالى فى سورة يوسف: "ولدار الآخرة خير للذين اتقوا " قد تقدم قبله قوله تعالى: "أولم يسيروا فى الأرض ... " الآية، والحاصل منه انهم ظلموا أنفسهم فأهلكوا ولو اتقوا لنجوا فناسب هذا المعنى المقدر ورود الماضى فى قوله تعالى:"للذين اتقوا " أوضح مناسبة.
الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: "وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه " وفى سورة العنكبوت: "وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه " فى قراءة نافع وأبى عمرو وحفص ولمك يختلف فى توحيد لفظ آية فى الأنعام والمقصود واحد؟
ووجه ذلك والله أعلم أن لولا فى الآيتين تحضيض وإنما يجرى فى كلامهم عندما يراه المتكلم به أولى أو أهم فى مقصود ما أو أتم فى مطلب ما إلى أشباه هذا مما يستدعى التحضيض ولما تقدم قبل آية الأنعام ذكر دلائل من خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور بحال من كذب وعاند إلى ما تبع ذلك من الآيات التى يحتاج فيها إلى النظر وإعمال الفكر والاعتبار وكان مظنه لتغبيط الجاحد، فطلبوا آية تبهر ولا يحتاج معها إلى كبير نظر كناقة صالح عليه السلام أو شبه ذلك فافتتحوا فيما ذكره سبحانه عنهم بأداة لولا التحضيضية حرصا على ما طلبوه، وأتوا بالفعل مضعفا لما أرادوه من التأكيد فقالوا: نزل وأفردوا آية لما قصدوه من أنه عليه السلام جاءهم بآية واحدة من الضرب الذى طلبوه، وهذا مناسب وقد صرحوا بما طلبوه من هذا الضرب بالذى ذكرنا