فى قولهم:"لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب ... " الآية، وفى قولهم:"لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا " إلى ما أشبه هذا فقال تعالى: قل لهم يا محمد إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون أى لا يعلمون ما كان يعقبهم ذلك لو وقع على وفق اقتراحهم من تعجيل أخذهم وهلاكهم كما جرى لغيرهم من الأمم كقوم صالح عليه السلام وغيرهم وقد قدم لهؤلاء التنبيه على ذلك فى قوله تعالى: "ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر ثم لا ينظرون " وأيضا ففى ذلك من الحكمة ما سبق فى علمه تعالى من هداية من شاء واضلال من شاء وليرفع بالعلم والنظر من هداه إليه ووفقه فلو ورد هذا الفعل غير مضعف ولم تفرد آية لما أحرز هذا المعنى.
أما آية العنكبوت فقد تقدم قبلها قوله تعالى:"بل هو آيات بينات فى صدرو الذين أوتوا العلم " ثم قال تعالى: "وما يجحد بآياتنا " وتأخر بعدها قوله تعالى: "قل إنما الآيات عند الله " فلم يكن ليناسب بعد اكتناف هذه الجموع توحيد آية ثم ان هذه الآية لم يتقدمها من التهديد وشديد الوعيد ما تقدم آية الأنعام فناسب ذلك ورودالفعل غير مضعف وجاء ذلك كله على ما يجب ولم يكن عكس الوارد ليناسب والله أعلم.
الآية الثانية عشرة قوله تعالى:"قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين "، ثم قال بعد:"قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم " ثم قال بعد: "قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون " وفى سورة يونس: "قل أرأيتكم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون " ففى هذه الآى الأربع أربعة أسؤلة: الأول ما وجه التكرار فى الواردة فى سورة الأنعام؟ والثانى: ما وجه اختصاص بعضها يتأكيد الخطاب الحاصل من الضمير بالإتيان بالأداة بعد فى قوله: "قل أرأيتم " وسقوط ذلك من بعضها؟.
الثالث: ما وجه تخصيص كل آية منها بما اتبعت به؟، الرابع: ما وجه الترتيب فى الآيات الثلاث وهو قوله فى التنبيه أولا: "إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة " وتأخير التنبيه بمثل ذلك من ذكر العذاب فى قوله: "قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة ... " الآية وتسيط التنبيه بقوله: "قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم "؟