للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

رواية مسلم قال: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب"، قالوا: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولًا.

قال في "شرح السنَّة" (١): فيه دليل على أن الجنب إن أدخل يده فيه ليتناول الماء لم يتغير حكمه، وان أدخل يده فيه ليغسلها من الجنابة تغير حكمه، وكذا حكمه عندنا، قاله القاري (٢).

قلت: اختلف في حكم الماء المستعمل أنه طاهر أم نجس؟ فقد ذكر في ظاهر الرواية أنه لا يجوز التوضؤ، ولم يذكر أنه طاهر أم نجس, وروى محمد عن أبي حنيفة - رحمه الله- أنه طاهر غير طهور، وروى أبو يوسف والحسن بن زياد عنه أنه نجس , غير أن الحسن روى عنه أنه نجس نجاسة غليظة يقدر فيه بالدرهم، وبه أخذ، وأبو يوسف روى عنه أنه نجس نجاسة خفيفة يقدر فيه بالكثير الفاحش، وبه أخذ، وقال زفر: إن كان المستعمل متوضئًا فالماء المستعمل طاهر وطهور، وإن كان محدثًا فهو طاهر غير طهور، وهو أحد أقاويل الشافعي، وفي قول له: إنه طاهر وطهور بكل حال، وهو قول مالك.

ثم مشايخ بلخ حققوا الخلاف، وقالوا: الماء المستعمل نجس عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد طاهر غير طهور، وبه أخذ الشافعي، وهو أظهر أقوال الشافعي، ومشايخ العراق لم يحققوا الخلاف فقالوا: إنه طاهر غير طهور عند أصحابنا، حتى روي عن القاضي أبي حازم العراقي أنه كان يقول: إنا نرجو أن لا تثبت رواية نجاسة الماء المستعمل عن أبي حنيفة - رحمه الله -وهو اختيار المحققين (٣) من مشايخنا بما وراء النهر.


(١) (٢/ ٦٨).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ١٧٢).
(٣) ولأحمد روايتان: طاهر وليس بمطهر، وهو ظاهر المذهب، والثاني: طاهر مطهر، كذا في "المغني" (١/ ٣٤)، وكذا حكى صاحب "المغني" قولين للشافعي ومالك. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>