للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأَحْمر، ويونس بن حبيب، أثنيا عليه ثناءً عاطرًا، بل فضَّلاه على بعض شعر الأعشى، حتى أَنَّ مروان نفسه قد أنكر ذلك التفضيل (١).

ويقول أبو عبيدة: «ذهبت اليمنُ بِجيِّد الشعرِ في قَديمِه وحديثه، امرؤ القيس في الأوائل، وأبو نواس في المُحدَثين» (٢). ويقول: «أبو نواس في المُحدثين مثل امرئ القيس في المتقدمين، فَتَحَ لهم هذه الفِطَنَ، ودَلَّهمْ على المعاني، وأَرشدَهُم إلى الطريقِ، والتصرفِ في فُنُونِه» (٣). ويقول الجاحظُ: «ما رأيتُ أحدًا كان أعلمَ باللغةِ من أبي نواس، ولا أفصحَ لَهجةً، مع حلاوةٍ ومُجانبةٍ للاستكراه» (٤). وقال ابن قتيبة عن أبي نواس: «وقد كان يُلَحَّنُ في أشياءَ من شِعْرِهِ، لا أُراه فيها إلا على حجة من الشعر المتقدم، وعلى علة بينةٍ من عللِ النحو» (٥).

بل إِنَّ ابن السِّيدِ البَطَليوسي قد ذهب إلى أنه يكون للاستشهاد بشعر بعض المولَّدين وجهٌ مقبولٌ، وإن كان يتَّفق مع جُمهورِ العلماء في أَنَّ الأصلَ عدمُ الاحتجاج بشعرهم. فقال بعد أن استشهدَ بعددٍ من الشواهد الجاهلية التي تؤيد صحة القول بصواب إضافة لفظةِ «الآل» إلى الضمير في الصلاة على النبي وآَلِهِ. قال: «وقد قال أبو الطيب المتنبي، وإن لم يكن حُجةً في اللغة:

واللهُ يُسعِدُ كُلَّ يَومٍ جَدَّهُ ... ويَزيدُ مِنْ أَعدائِهِ في آَلِهِ (٦)

وأبو الطيّب وإِن كان مِمَّن لا يُحتجُّ به في اللغةِ، فإنَّ في بيته هذا حُجةٌ من جهةٍ أُخرى. وذلكَ أَنَّ النَّاس عُنوا بانتقادِ شعرهِ، وكان في عصرهِ جَماعةٌ من اللغويِيْنَ والنَّحويِيْن، كابنِ خالويهِ، وابن جِنِّي وغَيْرِهما، وما رأيتُ منهم أحدًا أنكرَ عليه إضافةَ «آل» إلى المُضمرِ،


(١) انظر: الأغاني ١٠/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٢) الأغاني ٢٥/ ٣٨.
(٣) الأغاني ٢٥/ ٣٩.
(٤) الأغاني ٢٥/ ١٣.
(٥) الشعر الشعراء ٢/ ٨١٨.
(٦) انظر: ديوانه ١/ ٤٢١.

<<  <   >  >>