للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسيرة (١)، واللغة، وقد جعل السيوطيُّ من آداب طالبِ اللغةِ العنايةَ بِحفظِ أشعارِ العرب، مبينًا قيمة هذا الحفظ في التفسير فقال: «وَلْيَعْتَنِ بِحفظِ أشعارِ العَربِ؛ فإن فيه حِكَمًا ومواعظ وآدابًا، وبه يُستعانُ على تفسير القرآن والحديث» (٢).

- عدم الالتفات إلى موضوع الشواهد:

لم يعتن المفسرون بموضوعات الشواهد ومضامينها، بقدر ما كانت عنايتهم بلغتها ونَظْمِها، ومن مظاهر اعتماد المفسرين على الشاهد الشعري تجوزهم في الاستشهاد بكثير من الشواهد الشعرية التي تتضمن معنى لا يليق ذكره، وقد فسر العلماء ألفاظ القرآن الكريم، ووضحوا معانيه بأبيات بعض الشعراء التي فيها ذكرُ الفُحشِ والفِعْلِ السيء، ولم تكن غايتهم من هذا الاستشهاد أن ينصروا باطلًا، أو يظهروا قبحًا، وإنما كان غرضهم من ذلك لغويًا، وهو تفسير غريب القرآن بالشعر، وقد سبق قول الجرجاني: «وقد استشهد العلماء لغريب القرآن وإعرابه بالأبيات التي فيها الفحش، وفيها ذكر الفعل القبيح، ثم لم يُعِبْهُم ذلك؛ إذ كانوا لم يقصدوا إلى ذلك الفحش ولم يريدوه، ولم يرووا الشعر من أجله» (٣). وقال الشنقيطي (ت ١٣٩٣) بعد استدلاله بشاهد فيه معنى قبيح على تفسير آية قرآنية: «وقصدنا بهذا الكلام الخبيث بيان لغة العرب، لا المعاني الخسيسة التافهة؛ لأن معاني لغة العرب يستفاد منها ما يعين على فهم كتاب الله وسنة رسوله، وإن كان مفرغًا في معاني خسيسة تافهة، فنحن نقصد مطلق اللغة، لا المعاني التافهة التي هي تابعة لها» (٤).


(١) انظر: السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٢١٨، وانظر فهارسه لمعرفة مواضع تفسيره للغريب واستشهاده بالشعر.
(٢) المزهر ٢/ ٣٠٩.
(٣) دلائل الإعجاز ١٠.
(٤) العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير ٣/ ٩٦٠.

<<  <   >  >>