للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما تدلُّ عليهِ كلمةِ الحُورِ من معنى البياض في اللغة. قال الطبري: «وهذا الذي قاله مجاهدٌ من أَنَّ الحُوْرَ إِنَّما معناها أَنَّه يَحارُ فيها الطَّرْفُ، قولٌ لا معنى له في كلامِ العرب؛ لأَنَّ الحُورَ إِنَّما هو جَمعُ حَوراء ... والحَوراءُ إنما هي فَعْلاءُ من الحَوَرِ، وهو نَقاءُ البَياضِ، كما قيلَ للنقيِّ البياضِ من الطعامِ: الحَواريُّ» (١). وذكر مثل ذلك أهل اللغة (٢).

الاستشهاد بالشواهد على المعاني الغريبة.

وقد يكون الاستشهاد بالشعر لغرابة المعنى الذي فسرت به الآية، فيكون ورودها في شواهد الشعر كاشفًا للمراد بها في القرآن، ومؤيدًا لتفسير من فسرها بهذا المعنى الغريب، ومن أمثلة ذلك:

١ - عند تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} [الكهف: ٥٢] (٣) اختلف المفسرون في المقصود بقوله: {مَوْبِقًا}، فمنهم مَنْ فَسَّرهُ بالعداوةِ، ومنهم من ذكر أنه وادٍ في جهنم، ومنهم مَنْ فسَّرَه بالمَهْلِك. قال ابن عطية: «واختلف المتأولون في قوله: {مَوْبِقًا}، قال عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك ومجاهد: هو وادٍ في جهنم يَجري بدمٍ وصديدٍ، وقال الحسنُ: {مَوْبِقًا} معناهُ: عداوةً، و {بَيْنَهُمْ} على هذا ظَرفٌ ... وقال ابن عباس: {مَوْبِقًا} معناهُ: مَهْلِكًا، بِمنْزِلةِ موضع، وهو من قولكِ: وَبَقَ الرجلُ، وأَوبَقَهُ غيرهُ إذا أهلكهُ، و {بَيْنَهُمْ} على هذا التأويلِ يصحُّ أن يكونَ ظَرفًا، والأظهرُ فيه أن يكون اسْمًا، بِمعنى: تواصلهم أمرًا مهلكًا لهم، ويكون {بَيْنَهُمْ} مفعولًا أولًا لِجَعَلْنا». (٤)


(١) تفسير الطبري (هجر) ٢١/ ٦٥، وانظر: تفسير الطبري (هجر) ٥/ ٤٤٣ - ٤٤٤.
(٢) انظر: تهذيب اللغة ٥/ ٢٢٨ - ٢٢٩، مقاييس اللغة ٢/ ١١٥ - ١١٦، الصحاح ٢/ ٦٣٩، لسان العرب ٣/ ٣٨٥ (حور).
(٣) الكهف ٥٢.
(٤) انظر: المحرر الوجيز ١٠/ ٤١٤ - ٤١٥، تفسير الطبري (هجر) ١٥/ ٢٩٥ - ٢٩٨، الجامع لأحكام القرآن.

<<  <   >  >>