للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العِجْلَ لا يشرب القلب، وأَنَّ الذي يشرب القلب منه حُبُّه، كما قال جلَّ ثناؤه: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: ١٦٣] (١)، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: ٨٢] (٢)، وكما قال الشاعر (٣):

أَلا إِنَّني سُقِّيتُ أَسودَ حَالكًا ... أَلا بَجَلِى مِنَ الشَّرابِ أَلا بَجَلْ (٤)

يعني بذلك: سُمًّا أسودًا، فاكتفى بذكر «أسود». عن ذكر السُّمّ؛ لمعرفة السامع معنى ما أراد بقوله: سُقِّيتُ أسودَ» (٥).

وما ذكره الطبري هنا هو ما سماه البلاغيون بعد ذلك «المَجَاز»، قال ابن عطية: «والمعنى: جعلت قُلوبُهم تَشربُه، وهذا تشبيهٌ ومَجازٌ، عبارةٌ عن تَمكُّنِ أمرِ العِجْل في قُلوبِهم» (٦)

والشواهد البلاغية التي أوردها الإمام الطبري، ومِن قَبلهِ أبو عبيدة، والفراء، وابن قتيبة، ومن بعده الزمخشري، وابن عطية، والقرطبي تُعَدُّ من الشواهد عند البلاغيين لهذا الأسلوب العربي (٧). ونظائر هذه الشواهد البلاغية كثيرة في كتب التفسير (٨).

[٦ - الشواهد الأدبية]

وهي الأبيات من الشعر التي يتمثلُ بِهَا المفسرُ في تفسيره على معنى من المعاني التي تعرض لها في تفسيره، فهي للتمثل لا للاستشهاد


(١) الأعراف ١٦٣.
(٢) يوسف ٨٢.
(٣) هو طرفة بن العبد البكري.
(٤) بَجَلِى: بِمعنى حَسْبِي من الشراب. انظر: ديوانه ٧٥، أشعار الشعراء الستة للشنتمري ٢/ ٨٤.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٣٥٩.
(٦) المحرر الوجيز ١/ ٢٩٤.
(٧) مجاز القرآن ١/ ٤٧، معاني القرآن للفراء ١/ ٦١ - ٦٢، تأويل مشكل القرآن ٢١٠، الكشاف ١/ ١٦٦، ٢/ ٤٩٦، ٧٣٧ - ٧٤٠، الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٢٣.
(٨) للاستزادة: الكشاف ١/ ١١٣، ١١٨، ١٨١، ٢/ ١٧٦، ٣/ ٥٤٨، المحرر الوجيز ١/ ١٤٨، ٢/ ٨٩، ٩/ ٦٦، ١١/ ٧١، الجامع لأحكام القرآن ١/ ٤٥، ٩٥.

<<  <   >  >>