للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو لضُلاَّلِ الهَوامِ كَافِلُ (١)

يراد به: لِمَا ضَلَّ مِنْ مُتفرِّقِ النَّعَمِ، ومنتشرِهِ ضَامٌّ إلى نفسهِ وجامِعٌ. وقد روي:

فهوَ لضُلاَّلِ الهَوافي كَافلُ

بمعنى: أنه لِمَا نَدَّ فَهَربَ من النَّعمِ ضَامٌّ، من قولهم: هَفا الظَّليمُ، إذا أسرعَ الطيران». (٢) فقد أورد الطبري رواية أخرى للبيت، مع عدم تعلقها بمحل الشاهد فيه، دلالة على معرفته بهذه الرواية الأخرى، وتوثيقًا للرواية الأخرى للبيت. (٣)

- انفراد المفسر برواية للشاهد.

قد ينفرد المفسرون برواية للشاهد لم ترد عند غيرهم، والطبري هو الذي يكثر عنده ذلك لتقدمه، وأخذه للشعر عن رواته المتقدمين، ولا سيما ثعلب إمام الكوفيين في النحو واللغة في زمنه. ومما لاحظته في تفسير الطبري أنه على الرغم من اشتهار تلمذة الطبري لثعلب إلا أنه لم يشر إليه في روايته للشعر، ولم يرو عنه في ذلك شيئًا مع تطابق شرحه للشعر مع شرح شيخه ثعلب في كثير من المواضع ولا سيما في شرح شواهد زهير بن أبي سُلمى حيث وازنتُ شرحه للشاهد بشرح ثعلب للديوان فوجدت تشابهًا كبيرًا بين الشرحين، ولا أعرف عِلَّةَ إغفال الطبريِّ الإشارةَ لشيخه ثعلب في تفسيره، مع إشارته لغيره من العلماء.

ومن الشواهد التي انفرد الطبري برواية لها مخالفة لما رواه رواة الشعر، قول حميد بن ثور الهلالي:

إذا كانتِ الخمسونَ أُمَّكَ لَمْ يَكُنْ ... لِدائِكَ إِلَّا أَنْ تَموتَ طَبيبُ

وقد استشهد به الطبري على هذه الرواية على دلالة لفظة الأم،


(١) لم أعثر على قائله.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ٦/ ٣٤٨.
(٣) تفسير الطبري (شاكر) ٦/ ٣٧٦ - ٣٧٧، الكشاف ١/ ٢٢، ٢/ ٤٨.

<<  <   >  >>