عبيدة وغيره، ولذلك ذكرته هنا لمعرفة طبيعة الاستشهاد عن هؤلاء العلماء، ومدى تأثر المفسرين بهم بعد ذلك.
ثانيًا: رواية أصحاب الغريب والمعاني للشعر عن العرب.
وهذا أيضًا يدخل تحت العنصر السابق، وهو تقدم زمن أصحاب الغريب والمعاني، حيث كان من أوجه تفرد هؤلاء المصنفين أنهم أدركوا كثيرًا من الأعراب الفصحاء الذين روى عنهم اللغويون لغة العرب، واستشهدوا بشعرهم الذي يروونه ويقولونه في اللغة، وتميز أبو عبيدة والأخفش والفراء بذلك.
في حين لم يدرك المفسرون الذين شملتهم الدراسة منذ الطبري حتى القرطبي أحدًا مِمّن يُحتجُّ بقوله ويرجع إلى كلامه في اللغة. وهذا ما جعل للشواهد الشعرية التي رواها أصحاب الغريب والمعاني قيمةً احتجاجيةً كبيرةً استفاد منها المفسرون بعد ذلك، وهذا جانب يحسب لأصحاب المعاني والغريب حيث حفظوا للمفسرين ثروة كبيرة من الشواهد اللغوية من الشعر والنثر، تم توظيفها بعد ذلك من قبل المفسرين في كتبهم.
ثالثًا: الشواهد الشعرية في كتب التفسير أكثر منها في كتب الغريب والمعاني.
يعد هذا نتيجة لما تقدم من الحديث عن سبق أصحاب الغريب والمعاني للمفسرين زمنيًا، فجاء المفسرون بعد ذلك وأودعوا هذه الشواهد في تفاسيرهم مع زيادة الشرح والبيان، وإيراد معظم شواهد المتقدمين والإضافة عليها كما فعل الطبري في تفسيره. وأكثر من استشهد بالشواهد الشعرية من أصحاب الغريب والمعاني هو أبو عبيدة فقد بلغت شواهده ٩٥٢ شاهدًا، في حين كان الزمخشري أقل من استشهد بشواهد الشعر قد بلغت شواهده ما يقارب هذا العدد، أما أقل أصحاب الغريب فهو ابن قتيبة ١٨٢ شاهدًا، وأكثر المفسرين وهو القرطبي بلغت شواهده ٤٨٠٧ شواهد شعرية.