للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغَيْبوبة، يقال ضَلَّ الماءُ في اللبن إذا غاب، وضَلَّ الكافرُ إذا غاب عن الحُجَّة، وضَلَّ الناسي إذا غابَ عنه حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إذا ذهَب منك ... وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالًا أَي ضاع» (١). فالهلاك أحد معاني الضلال إذا اقترنت به قرينة، وأما أصل معنى الضلال فكما قال ابن فارس: «الضاد واللام أصلٌ صحيحٌ يدل على معنى واحد، وهو ضياع الشيء وذهابه في غير حقه» (٢).

ثالثًا: الاختلاف في وجه الاستشهاد:

قد يكون الاختلاف والاعتراض متجهًا إلى وجه الاستشهاد لا إلى الشاهد، ومن ذلك قول ابن عطية: «وقال أبو عبيدة: الرَّفَثُ اللغا من الكلام، وأنشد:

ورُبَّ أَسرَابِ حَجيجٍ كُظَّمِ ... عَن اللَّغَا ورَفَثِ التكَلُّمِ (٣)

قال القاضي أبو محمد: ولا حجة في هذا البيت». (٤) ولم يبين ابن عطية سبب عدم الحجية في الشاهد، وأن الرفث فيه يعني اللغو من الكلام، والظاهر أن وجه اعتراض ابن عطية على الاستشهاد بالبيت أن الشاعر قد عطف اللغا على رفث الكلام، والعطف يعني المغايرة بين المعنيين.

وقال ابن عطية: «وقال أبو عبيدة: البعض في هذه الآية بمعنى الكل، وخطأه الناس في هذه المقالة، وأنشد أبو عبيدة شاهدًا على قوله بيت لبيد:

ترَّاكُ أَمكنةٍ إذا لم أَرْضَهَا ... أَو يَخْتَرِمْ بعضَ النفوسِ حِمَامُها

وليست في البيت له حجة؛ لأن لبيدًا أراد نفسه فهو تبعيض صحيح» (٥).


(١) لسان العرب ٨/ ٨٠ (ضلل).
(٢) مقاييس اللغة ٣/ ٣٤٥، وانظر: المحرر الوجيز ١٢/ ١٦.
(٣) انظر: ديوان العجاج ١٢٨.
(٤) المحرر الوجيز ٢/ ١٢٢.
(٥) المحرر الوجيز ٣/ ٩٩.

<<  <   >  >>