للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا دليل على شدة تحريم الغيبة، وقبيح أثرها (١).

ومن الأمثلة أيضًا قول القرطبي عند تفسيره قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسراء: ١٠٩] (٢): «وإنما خص الأذقان بالذكر؛ لأن الذقن ها هنا عبارة عن الوجه، وقد يُعَبَّر بالشيءِ عمَّا جَاورَه، وبِبَعضهِ عن جَميعِهِ، فيقال: خَرَّ لوجههِ سَاجِدًا، وإن كان لم يسجد على خَدِّهِ ولا عَينهِ. ومن ذلك قول الشاعر (٣):

...................... ... فَخَرَّ صَريعًا لِليدينِ ولِلفَمِ (٤)

فهذه أمثلة مختصره عن أوجه اعتماد القرطبي وغيره من المفسرين على الشاهد الشعري في كتب التفسير، وسيأتي مزيد من الأمثلة.

- شعراء شواهد التفسير:

تفاوتت حظوظ الشعراء في الاستدلال بشعرهم في كتب التفسير تفاوتًا كبيرًا، فمنهم من أكثر المفسرون من الاستشهاد بشعره كالأعشى البكري، والنابغة الذبياني، وامرئ القيس الكِنديِّ من شُعراءِ الجاهليةِ، ولبيد بن ربيعة العامري، والعجاج، وجرير، والفرزدق ثلاثتهم من تميم، وذي الرُّمَّةِ العَدويِّ من شعراء الإسلام.

وقد قمتُ بِحَصر جَميع الشواهد في كتب التفسير التي درستها وقائليها، ونسبت كُلَّ شاعرٍ إلى قبيلته وعصرِه، ومقدار الشعر الذي استُشهِدَ به من شعره لدى كُلِّ مفسرٍ من المفسرين الذين شَملتهم هذه الدراسة، وقيدتُ ذلك في جدول، وقد رتبتُ أسماء الشعراء بحسبِ كثرةِ


(١) انظر: المثل السائر ١/ ١٨٩.
(٢) الإسراء ١٠٩.
(٣) هو جابر بن حني التغلبي.
(٤) صدره:
تَنَاوَلَه بالرمحِ ثُمَّ اتَّنَى لَهُ ... ................................
واتَّنَى أي: انثنى أدغم النون في الثاء ثم أبدلها تاءً. فوقع فيها إدغام وإبدال. انظر: المفضليات ٤٤١.

<<  <   >  >>