للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصله من آَلَ الشيءُ إلى كذا إذا صَار إليه ورجعَ، يَؤُولُ أَوْلًا، وأَوَّلْتُه أنا صَيَّرْتُه إليه ... ويعني بقوله: تأَوُّلُ حُبِّهَا: تَفسيرُ حُبِّها ومرجِعِه. وإنما يريد بذلك أن حبها كان صغيرًا في قلبه، فآل من الصِّغَرِ إلى العِظَمِ، فلم يزل ينبت حتى أَصْحَبَ، فصار قديمًا، كالسَّقْبِ الصَّغيرِ الذي لم يزل يَشِبُّ حتى أَصحبَ فصار كبيرًا مثلَ أُمِّهِ. وقد يُنشد هذا البيتُ:

على أَنَّها كانتْ تَوابعُ حُبِّها ... تَواليَ ربعيّ السِّقَابِ فأَصْحَبَا» (١).

[التأثير المتبادل بين المفسرين وشراح الشعر]

حرصًا على الحجة والدليل اللغوي، فإن المفسرين قد عنوا بالشعر كما تكرر في أكثر من موضع في هذا البحث، ومثلهم شراح الشعر، فقد كانوا من حرصهم على الحجة والدليل يستشهدون في شرحهم للشعر وبيانهم لمعانيه بالقرآن الكريم في كل لفظة أو تركيب يكون له في القرآن الكريم شاهد، ولو رجعت إلى فهارس شروح الشعر كشرح المفضليات والحماسة ونحوها لوجدت عددًا كبيرًا من الآيات ساقها شراح الشعر للاستشهاد على تفسيرهم للشعر، وهذا كله من الحرص على الحجة والدليل. ولذلك فإن هناك تأثيرًا متبادلًا بين المفسرين وشراح الشعر في المادة والمنهج، وإن كان لكل منهما غايته، مع أن شراح الشعر قد أشاروا في مقدمات شروحهم إلى أنهم لم يتكلفوا شرح الشعر إلا بغية الاستعانة به في فهم كتاب الله ومعانيه (٢)، وسأضرب لذلك مثالًا.

استشهد المفسرون عند تفسيرهم لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} [الفرقان: ٦٢] (٣) بقول زهير:


(١) تفسير الطبري (شاكر) ٦/ ٢٠٤ - ٢٠٥.
(٢) انظر: مقدمة جمهرة أشعار العرب للقرشي.
(٣) الفرقان ٦٢.

<<  <   >  >>