للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستشهاد بالشاهد الشعري في غير موضعه، وإذا أراد الباحث الاستشهاد بالشاهد الشعري على مسألةٍ مُشكلةٍ وَجَبَ عليه مراجعة أقوال العلماء في هذا الشاهدِ، فينظر ما يقوله أهل التحقيق في هذا الشاهد، ودلالته، حتى يتبين له الصواب.

أمثلة تدل على أثر الشاهد الشعري في توجيه القراءات وتعليلها، من جهة نفي الشك عن صحتها، وتصويبها من حيث العربية.

[أثر الشاهد الشعري في توجيه القراءات في كتب التفسير]

وأما أَثَرُ الشاهد الشعري في توجيه القراءات والاحتجاج لها فقد رافق الاحتجاجَ للقراءات وتوجيهها منذ بدأت هذه القراءات على يد أئمتها الأُوَل، وقد تقدم احتجاج أبي عمرو بن العلاء لبعض أوجه قراءته التي سُئِلَ عنها، وقد كان الإمام الطبري رائدًا من رواد المفسرين في الاحتجاج للقراءات، وتوجيهها، معتمدًا في ذلك على علمه الغزير بالقراءات، والآثار، وتفسير السلف، واللغة وشعر العرب. وقد صنَّفَ كتابًا مُفردًا في القراءات وعللها والاحتجاج لها، ولكنَّه فُقِدَ ولم يصل إلينا، وقد اطلع عليه الأهوازي المقرئ (١) فقال في وصفه: «وله - أي الطبري- في القراءاتِ كتابٌ جليلٌ كبيرٌ رأيتهُ في ثَماني عشرةَ مُجلدة إِلا أَنَّه كان بِخطوطٍ كبارٍ، ذَكَرَ فيه جَميعَ القراءات من المشهورِ والشواذِّ وعَلَّلَ ذلكَ وشَرَحَهُ، واختار منها قراءة لم يَخرجْ بِها عن المشهور» (٢)، غير أن كتابه التفسير ظَلَّ متضمنًا لما يُحتاجُ إليه في التفسير من أوجه التعليل للقراءات وتوجيهها، وهي مواضع كثيرة. وأغلب مسائل النحو التي تعرض لها الطبري في تفسيره، جاءت عند مناقشته للقراءات القرآنية


(١) هو أبو علي الحسن بن علي الأهوازي المقرئ، شيخ القراء في عصره، ولد سنة ٣٦٢ هـ بالأهواز وتوفي سنة ٤٤٦ هـ. انظر: غاية النهاية ١/ ٢١٩ - ٢٢٠.
(٢) معجم الأدباء ١٨/ ٤٥.

<<  <   >  >>