للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معروفة، وقد سبقت الإشارة إلى بعض الشواهد التي انفرد بها الإمام الطبري. ومن الأمثلة القليلة التي عثرت عليها لتفرد ابن عطية في تفسيره استشهاده بقول علوان بن قيس (١):

ولَيلٍ دَجِيٍّ قد تَنَفَّسَ فَجرهُ ... لَهم بعدْ أَنْ خالوهُ لنْ يتنَفَّسَا (٢)

وقد استشهد به على معنى قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)} [التكوير: ١٨] (٣) وأن معنى تنفس الصبح أي استطار واتسع ضوءه. (٤)

والاستشهاد اللغوي في كتب التفسير له صور كثيرة، رأيت تقسيمها وإيراد الأمثلة على كل صورة منها من كتب التفسير؛ ليتضح الغرض الدقيق من الشاهد الشعري، والمعنى الذي ساق المفسر له هذا الشاهد. وأهم صور الاستشهاد اللغوي في كتب التفسير ما يلي:

- الاستشهاد لبيان معاني المفردات.

وهذه الصورة هي أكثر صور الاستشهاد اللغوي بالشعر في كتب التفسير، وقد سار المفسرون في هذا على منهج أصحاب غريب القرآن، ومعاني القرآن، الذين استخدموا الشعر في بيان معاني المفردات، وتأصيلها في اللغة أكثر من أي غرض آخر. وأمثلة هذه الصورة كثيرة، ولا تكاد تمر بك صفحة أو أكثر إلا وتعثر على شاهد شعري يستشهد به المفسر لبيان معنى لفظة من ألفاظ القرآن الكريم. وشواهد أصحاب غريب القرآن، ومفرداته من هذا الباب. وسأقتصر على الأمثلة التالية:

١ - استشهد الطبري لبيان معنى كلمة «أواب» في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧)} [ص: ١٧] (٥) وأَنَّه بِمعنى التائب من الذنب، الراجع من معصية الله إلى طاعته، ومما يكرهه إلى ما يرضاه، بقول عبيد بن الأبرص:


(١) لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المصادر.
(٢) لم أقف عليه عند غير ابن عطية.
(٣) التكوير ١٨.
(٤) انظر: المحرر الوجيز ١٦/ ٢٤٢.
(٥) ص ١٧.

<<  <   >  >>