للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اشتمل معاني القرآن للفراء على ما يقارب ثَمانِمائة شاهدٍ من الشعر، غير أن الفراء لم ينسب منها إلا اثنين وسبعين شاهدًا، وبقيت البقية دون نسبة، ولذلك لم يمكن التعرف على عصور الشعراء بدقة في كتابه. غير أنه استشهد بشعر تسعة وعشرين شاعرًا، وبلغت الشواهد التي نسبها لهم اثنين وسبعين شاهدًا.

فأما شعراء الجاهلية التسعة الذين استشهد بشعرهم فقد نسب لهم ستة وثلاثين شاهدًا شعريًا، وأما المخضرمون الذين بلغ عددهم ثمانية شعراء فقد استشهد لهم بأحد عشر شاهدًا، وأما الشعراء الإسلاميون الذين هم أكثر من استشهد بشعرهم وعددهم اثنا عشر شاعرًا، فقد استشهد لهم بخمسة وعشرين شاهدًا.

مدى الاعتماد على الشاهد الشعري في تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة.

صنَّف ابن قتيبة كتابه هذا ردًا لشبهات المعترضين على آيات من القرآن لم يتبين لهم وجه الصواب فيها، فأراد أن يذُبَّ عن كتاب الله، ويرمي من ورائه بالحجج النيرة، والبراهين البينة، ويكشف للناس ما يلبسون، وذكر منهجه فيه فقال: «ألَّفتُ هذا الكتاب جامعًا لتأويل مشكل القرآنِ، مُستنبطًا ذلك من التفسير بزيادةٍ في الشرح والإيضاح، وحاملًا ما لم أعلم فيه مقالًا لإمام مطلعٍ على لغات العرب». (١) مما يعني أنه قد اعتمد على أقوال المفسرين من السلف، وما لم يجد فيه لهم قولًا اعتمد فيه على لغة العرب وشعرها.

وقد بدأ ابن قتيبة كتابه بمقدمة حول القرآن ولغته وجمعها لكثير المعاني بقليل اللفظ، وأسرار العربية التي نزل بها، والشعر الذي أقامه الله للعربية مقام الكتاب لغيرها، وسنن العرب في كلامهم ومذاهبهم في تعبيرهم وأن القرآن نزل بها جميعًا، ثم عقد بابًا لوجوه بلاغة القرآن، وطريقته في عرضها أن يذكر ما في كتاب الله منها، ثم يعقبه بذكر أمثاله من


(١) تأويل مشكل القرآن ١٧ - ١٨.

<<  <   >  >>