للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: توثيق الشاهد من حيث الدراية.

أما توثيق الشاهد الشعري من حيث الدراية عند المفسرين، فالمقصود به ما قام المفسرون به من خدمة للشاهد من حيث ضبطُه، وشرحهُ، وذكر رواياته وبيان معانيها، ونفي ما قد يعتريه من التصحيف والتحريف بضبطه بالعبارة بدلًا من الحركات، وكل هذا من صور التوثيق التي عني بها المفسرون في تعاملهم مع شواهد الشعر الكثيرة في كتب التفسير. وفيما يلي ذكر لأهم صور توثيق الشاهد الشعري من حيث الدراية مع إيراد الأمثلة من كتب المفسرين.

١ - ضبط رواية الشاهد.

عُنِي المفسرون بضبط روايات الشاهد الشعري، وإن لم تكن موضع الشاهد في البيت لتوثيق الرواية، والحرص على تأدية متن الشاهد كما روي، وهذه من أهم أوجه ضبط معنى الشاهد لترتب فهم المعنى الصحيح على ضبط روايته، وتدقيقها. ومن أمثلة ذلك:

- الطبري عند تفسيره قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: ٢] (١) أورد قول ساعدة بن جُؤَّيَّةَ الهذلي شاهدًا على معنى «الرَّيب» وهو قوله:

فقالوا: تَركنَا الحيَّ قَد حَصَرُوا بهِ ... فلا رَيْبَ أَنْ قد كانَ ثَمَّ لَحِيْمُ (٢)

قال الطبري: «ويُروى «حَصَرُوا» و «حَصِرُوا»، والفتح أكثر، والكسر جائز. يعني بقوله: حَصَروا به: أطافوا به، ويعني بقولهِ: لا ريبَ فيهِ: لاشكَّ فيه، وبقوله: أن قد كان ثَمَّ لَحيمُ، يعني: قَتيلًا، يقال: قد لُحِمَ، إذا قُتِلَ» (٣).

فقد حرص الطبري على ضبط رواية الشاهد، وشرحه حتى يتضح


(١) البقرة ٢.
(٢) انظر: ديوان الهذليين ١/ ٢٣٢.
(٣) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ٢٢٩.

<<  <   >  >>