للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: أثر الشاهد الشعري في بيان الأساليب القرآنية.]

الأساليب جَمعُ أُسلُوب، والأُسلُوبُ يُطلَقُ على أمورٍ منها: الطريق، والوجه، والمذهب، والفنّ. يقال: أنتم في أُسلوب شَرٍّ، أي في طريقِ شرٍّ. (١) ويقال: أَخَذ فلانٌ في أَسالِيبَ من القول أَي أَفانِينَ منه. (٢)

وقد عُنِيَ العلماءُ بدراسة أساليب القرآن الكريم قَديمًا وحديثًا؛ لمعرفةِ أوجهِ بلاغتهِ وبَيانِهِ وإعجازهِ؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، ولا بد أن يكون موافقًا لأساليبهم في البيان ليفهموا معانيه. وقد قرر هذا الإمام الطبري فقال: «فالواجب أن تكون معاني كتابِ الله المُنَزَّلِ على نبينا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - لِمعاني كلامِ العَرَبِ موافقةً، وظاهرُه لظاهر كلامها مُلائمًا». (٣)

وكان الشاهد الشعري من أَدلةِ قياس مدى موافقةِ أسلوب القُرآنِ لأساليبِ العَرَبِ في كلامها، وكثيرًا ما يُنَظِّرونَ بينَ أسلوبِ الشاهدِ من الشِّعرِ وأسلوب الآية القرآنية. وكان علماء السَّلَفِ حفاظًا للقرآن وللشِّعرِ، وكان استحضار الشواهد منهما سهلًا قريبًا عند الحاجة إليه. ومن أمثلة ذلك أَنَّ أبا الأسود الدؤلي قال في شعرٍ لهُ يشير إلى آل عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهم، ومَحبتهِ لهم:

فإِنْ يَكُ حُبُّهُمْ رُشْدًا أُصِبْهُ ... ولَستُ بِمُخطئٍ إِنْ كانَ غَيَّا (٤)


(١) انظر: تهذيب اللغة ١٢/ ٤٣٥.
(٢) انظر: لسان العرب ٦/ ٣١٩ (سلب).
(٣) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٣.
(٤) انظر: ديوانه ١٥٤.

<<  <   >  >>