للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - انفراد الشاهد الشعري أو بعضه عن القصيدة.

قد يستشهد المفسر بشاهد شعري مفرد لا يعرف له سابق ولا لاحق، أو بجزء من الشاهد الشعري دون سائره. مما يجعل احتمال الخطأ في ضبط الشاهد الشعري واردًا. ولذلك حرص شراح الشواهد الشعرية على تتبع الأبيات السابقة واللاحقة للشواهد الشعرية؛ لتوثيق الشاهد، والاطمئنان إلى صحة ضبطه، وبالتالي صحة ما بني عليه. يقول البَطَلْيُوسيُّ (١) مبينًا سبب شرحه لشواهد أدب الكاتب: «وغَرضي أَنْ أَقرنَ بكلِّ بيتٍ منها ما يتصلُ به من الشِّعرِ مِن قبلهِ أو من بعدهِ، إِلَّا أبياتًا يسيرةً لا أعلم قائلَها، ولم أحفظ الأشعارَ التي وقعت فيها، وفي معرفة ما يتصلُ بالشاهد، وما يَجلو معناهُ، ويُعربُ عن فحواه، فإِنَّا رأينا كثيرًا من المُفسِّرين للأبياتِ المستشهدِ بِها قد غَلِطوا في معانيها، حينَ لَم يَعلموا الأشعارَ التي وقعت فيها؛ لأَنَّ البيتَ إذا انفردَ احتملَ تأويلاتٍ كثيرةً» (٢). ويقول في مقدمة شرح أبيات الجمل: «وغَرضي أَنْ أَصِلَ بكلِّ بيتٍ منها ما يتصلُ به، ليكونَ أَبْيَنَ لغرضِ قائلهِ ومذهبه» (٣).

ومما يدل على أن المفسرين قد يسشتهدون بالبيت أو جزئه من غير معرفة بالبيت كاملًا أو القصيدة التي هو منها ما ذكره الفراء في تفسير سورة (ص) حينما قال: «ومن العرب من يضيف «لات» فيخفض، أنشدوني:

لاتَ سَاعةَ مَنْدَمِ

ولا أحفظ صدره» (٤). وقد عَلَّق البغدادي على قول الفراء فقال: «والبيت الذي لم يعرف صدره أنشده ابن السكيت في كتاب الأضداد،


(١) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي (٤٤٤ - ٥٢١ هـ)، نحوي لغوي من علماء الأندلس، من مصنفاته: الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، الحلل في شرح أبيات الجمل وغيرها. انظر: وفيات الأعيان ٣/ ٩٦، إنباه الرواة ٢/ ١٤١.
(٢) الاقتضاب ٢/ ٤٠٥.
(٣) الحلل في شرح أبيات الجمل ١٣.
(٤) معاني القرآن ٢/ ٣٩٧.

<<  <   >  >>