للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَصَحْتُ بني عَوفٍ فلم يَتقبَّلوا ... رَسُولي ولم تَنْجَحْ لديهمْ وَسائِلي (١)». (٢)

فقد أشار الطبري إلى أن اللغة التي ورد بها القرآن هي اللغة الفصحى، وهي تَعْدِيَةُ فعلِ «نَصَحَ» و «شَكَرَ» باللام، كما قال تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} [الأعراف: ٦٢] (٣) وقوله: {إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود: ٣٤] (٤). غير أن الطبري أراد من إيراد الشاهد الشعري الاستشهاد على أن اللغة الأخرى عربية فصيحة أيضًا (٥).

وقد قال الجوهري تعقيبًا على بيت النابغة السابق: «وهو باللام أفصح». (٦) وهذا يؤيد ما ذهب إليه الطبري.

الاستشهاد لتوجيه القراءة من حيث اللغة.

ومن صور الاستشهاد اللغوي بالشعر في كتب التفسير الاستشهاد به على توجيه القراءات القرآنية بالأوجه اللغوية، وهذه من الصور المتكررة بكثرة في تفسير الطبري وابن عطية والقرطبي. ومن أمثلتها ما يأتي:

١ - عند تفسير قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: ٢٠٨] (٧) ذكر الطبري اختلاف القراء في قراءة: {السِّلْمِ} (٨) ثم تكلم عن توجيه قراءة من قرأ بكسر السين من حيث المعنى فقال: «وأما الذين قرأوا ذلك بالكسر من السين، فإنهم مختلفون في تأويله، فمنهم من يوجهه إلى الإسلام، بمعنى: ادخلوا في الإسلام كافة.

ومنهم من يوجهه إلى الصُّلْحِ بِمعنى: ادخلوا في الصلح. ويستشهد على أَنَّ السِّينَ تُكسرُ وهي بِمعنى الصُّلحِ، بقول زهير بن أبي سُلْمى:


(١) انظر: ديوانه ٨٩.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ٣/ ٢١٢.
(٣) الأعراف ٦٢.
(٤) هود ٣٤.
(٥) انظر: تهذيب اللغة ٤/ ٢٤٩ - ٢٥١.
(٦) الصحاح ١/ ٤١٠، لسان العرب ١٤/ ١٥٨ (نصح).
(٧) البقرة ٢٠٨.
(٨) قرأ نافع وابن كثير والكسائي وأبو جعفر بفتح السين، وقرأ أبو عمرو وحمزة وابن عامر وعاصم بكسرها. انظر: السبعة ١٨٠، التيسير ٨٠، النشر ٢/ ٢٢٧.

<<  <   >  >>