للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قولٌ مردودٌ؛ لأن هذه السورة - أي الأعراف - مكية، ولم تُعْنَ الشريعة بتحريم الخمر إلا بالمدينة بعد أُحُدٍ؛ لأن جماعة من الصحابة اصطحبوها يوم أُحُدٍ وماتوا شهداء، وهي في أجوافهم. وأيضًا فبيت الشعر يقالُ: إِنَّهُ مصنوعٌ مُختَلَقٌ، وإن صحَّ فهو على حذفِ مُضافٍ» (١). فابن عطية يشكك في صحة هذا الشاهد، ويرى أنه على افتراض صحته ينبغي تأويله.

ثالثًا: ما احتمل الوضع لسبب ما:

ومن الشواهد التي يحتمل دخول الوضع فيها أو في موطن الاستشهاد منها، وخاصة أن معظم كتب التفسير قد ذكرته، قول الشاعر:

تَرى السفيهَ بهِ عنْ كُلِّ مُحكمةٍ ... زيغٌ، وفيهِ إلى التشبيهِ إِصغاءُ

وهذا الشاهد الشعري غير منسوب في كتب التفسير (٢)، ولعل صواب رواية البيت كما في «شرح مقامات الحريري»، وقد نُسِبَ فيها لسابق البربري، مع ثلاثة أبيات في الحلم والتسفيه، وهي التي تدور حولها الأبيات، وهي:

لا تُظْهِرَنَّ لذي جَهْلٍ مُعاتبةً ... فرُبَّمَا هُيّجَتْ بالشَّيءِ أَشياءُ

فالماءُ يُخْمِدُ حَرَّ النارِ يُطْفِئُها ... وليسَ للجهلِ غَيْرُ الحِلْمِ إِطفاءُ

تَرى السَّفيهَ له عنْ كُلِّ مَحْلَمَةٍ ... زَيغٌ، وفيهِ إلى التسفيهِ إِصغاءُ (٣)

فأما المفسرون فقد استشهدوا به على معنى الإصغاء في اللغة،


= ........................................ ... كذاكَ الإثمُ تذهبُ بالعقولِ،
وهو بلا نسبة في تهذيب اللغة ١٥/ ١٦١، ولسان العرب ١/ ٧٥.
(١) المحرر الوجيز (قطر) ٥/ ٤٨٨ - ٤٨٩.
(٢) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٩/ ٥٠٤، الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٤٦، البحر المحيط ٤/ ٢٠٧، الدر المصون ٥/ ١٢٠.
(٣) انظر: شرح مقامات الحريري للشريشي ٥/ ٢٧٩.

<<  <   >  >>