ثم لم يزل العلماء يصنفون في غريب القرآن حتى جاء الراغب الأصفهاني فصنف كتابه «المفردات في غريب ألفاظ القرآن»، ورتبه ترتيبًا بديعًا، جعل كثيرًا من الباحثين يضعه على رأسِ كتبِ غريبِ القرآن، ومرحلة النضج لهذه المؤلفات. ثم جاء بعد السمين الحلبي فبنى كتابه عليه، واستدرك عليه بعض المفردات التي فاتته، واستبعد بعض المفردات التي أوردها وليست في القرآن، فجاء كتابًا حافلًا في غريب القرآن.
[ترتيب كتب الغريب]
سار المصنفون في غريب القرآن في ترتيب كتبهم على طريقتين:
الأولى: ترتيب الألفاظ بحسب ترتيب السور في القرآن، مبتدأة بالفاتحة ومختتمة بالناس، وعلى هذا الترتيب سار أبو عبيدة في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وغيرهما. وربما اختل ترتيب المفردات في السورة عند بعضهم فقدم بعض الآيات على بعض.
الثانية: ترتيب الألفاظ القرآنية على الحروف الهجائية، وغالبها سار على الترتيب الألفبائي، مثل كتاب مفردات الراغب الأصفهاني، وعمدة الحفاظ للسمين الحلبي، وغيرها.
وانفرد ابن عزيز السجستاني بترتيب مواد كتابه ترتيبًا لم يسبق إليه، حيث رتب كتابه على الحروف غير معتدٍّ بأصل الكلمة، فبدأ بالمفتوح، ثم المضموم، ثم المكسور، ورتب الألفاظ بحسب ورودها في السور، وهذه الطريقة يصعب فيها الوصول إلى اللفظ، ولم يتبعه أحد في ترتيبه هذا.
وأما الرازي - صاحب مختار الصحاح - في كتابه تفسير غريب القرآن فقد سار على نظام التقفية كما صنع أصحاب المعاجم اللغوية، وهو ترتيب المواد اللغوية على طريقة الباب والفصل، فرتبه بحسب الحرف الأخير من الكلمة، ثم ترتيب ما ورد فيها ألفبائيًا، هكذا (بدأ،