للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قيمة كتابه، واعتماد المفسرين عليه، وقد اعتمد عليه البخاري في صحيحه عند كلامه عن غريب القرآن. (١)

ثالثًا: كل من جاء بعد أبي عبيدة اعتمد على كتابه، من المعاصرين له كالأخفش والفراء والكسائي، أو من جاء بعده كابن قتيبة والطبري وابن عطية والقرطبي وغيرهم. بل إن كتب الغريب والتفسير عِيالٌ عليه ولا سيما في شواهد غريب القرآن من الشعر، وهذا لثقتهم برواية أبي عبيدة.

وأما كتابُ «غريب القرآن وتفسيره» لليزيدي (ت ٢٣٧) (٢)، فليس كما وصفه من رآه، فقد ذكره القفطي في ترجمته لمؤلفه فقال: «صنَّفَ كتابًا في غريب القرآن حَسَنًا في بابه، ورأيتهُ في ستةِ مُجلداتٍ، يستشهدُ على كُلِّ كلمةٍ من القرآن بأبياتٍ من الشِّعرِ، ملكته بخطه». (٣) في حين يقع المطبوع في مجلد واحدٍ صغير، وليس فيه إلا تسعة شواهد من الشعر (٤)، وهذا يعني أنه ليس كتاب اليزيدي الذي رآه القفطي، وإنما قد يكون مختصرًا منه، أو يكون ليزيدي آخر غير من نسب له الكتاب، فاليزيدون كثيرون، وصُنِّفَت في أخبارهم كُتبٌ.

وأما غريب القرآن لابن قتيبة فقد كان له أثر بارز في الكتب المصنفة في الغريب بعده، ورُزق هذا الكتاب قبولًا عند العلماء منذ تأليفه حتى اليوم، وقد استشهد فيه بمائةٍ وواحدٍ وسبعينَ شاهدًا من الشِّعرِ، وقد درستُ منهجه في الاستشهاد ضمن كتب غريب القرآن لمكانته بين كتب الغريب.


(١) انظر: مجاز القرآن ١/ ١٧، صحيح البخاري ٤/ ١٦٢٤ - ١٩٠٠، بحوث وتنبيهات للمعصومي ١/ ٩٥.
(٢) هو عبد الله بن يحيى بن المبارك اليزيدي، كان أديبًا عارفًا بالنحو واللغة وغريب القرآن. انظر: إنباه الرواة ٢/ ١٥١.
(٣) إنباه الرواة ٢/ ١٥١.
(٤) انظر: ٧٦، ١٠٨، ١٢٣، ١٥٢، ٢٠٣، ٢٥٥، ٢٨١، ٢٩٣.

<<  <   >  >>