للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالطاء غير منقوطة». (١) وهذه إحدى روايات هذه اللفظة في البيت، وقد ذكرها الأَعْلَمُ وقال: يَظَّلِمُ: يحتملُ الظلم، وأصله يظطلم، وهو يفتعل من الظلم، فقلبت التاء طاء لمجاورتها الظاء، فإذا أدغم فمنهم من يقلب الظاء طاء ثم يدغم الطاء في الطاء على القياس فيصير يَطَّلِمُ بطاء غير معجمة، وهذه هي الأكثر والأقيس، ومنهم من يكره أن يدغم الأصلي في الزائد فيقول أظلم بظاء معجمة، والبيت يروى على الوجهين. (٢) وابن عطية قد ذهب مذهب الأعلم في هذه اللفظة وضبطها.

ثانيًا: شرح التراكيب:

المعنى الذي يفهمه المفسرون من الشواهد الشعرية إما أن يكون معنى حقيقيًا لا يحتمل الشاهد غيره، وإما أن يكون معنى مجازيًا يحمل عليه الشاهد بوجه من وجوه الدلالة. وللمفسرين في استخراج هذه المعاني طرق يأتي الحديث عنها، غير أني قبل ذلك أشير إلى طريقتين يسلكهما المفسرون في الاستشهاد بالشعر:

الأولى: الاكتفاء بذكر الشاهد.

لم يشرح المفسرون كل شاهدٍ يَمرُّ بِهم، وإن اشتمل على الغريب؛ وقد يكون ذلك خشيةَ إطالة الكتب، ولأنه لا يتكلف قراءة كتب التفسير المطولة إلا العلماء ومثل هؤلاء لا يستغلق عليهم فهمه، وقد ذكر الجاحظ شيئًا من الشواهد ولم يشرحها ثم اعتذر لصنيعه فقال: «وأنا أعلم أن عامة من يقرأ كتابي هذا وسائر كتبي، لا يعرف معاني هذه الأشعار، ولا تفسير هذا الغريب، ولكني إن تكلفت ذلك، ضُعِّفَ مقدارُ كُلِّ كتابٍ منه، وإذا طال جدًا ثقل، فقد صرت كأني إنما أكتبها للعلماء والله المعين». (٣) فكذلك المفسرون تركوا كثيرًا من شواهد الشعر التي


(١) المحرر الوجيز ٣/ ٩٧ - ٩٨.
(٢) انظر: تحصيل عين الذهب ٥٩٢.
(٣) البرصان والعرجان والعميان والحولان ٧٧.

<<  <   >  >>