للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس: مصادر الشعر المحتج به.

المَصْدَرُ لغةً اسمُ مَكانٍ مِن صَدَرَ إذا رَجَعَ، ومنه قوله تعالى: {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: ٢٣] بفتحِ الياءِ وضمِّ الدالِ (١)، أي: يرجعوا من سَقْيِهِمْ لماشيتهم (٢).

فكما يردُ الشاربُ للماءِ ويصدرُ عنهُ، فيكون الماء مصدرًا له، فكذلك المفسرون قد وردوا موارد علميةً كثيرةً أخذوا منها العلمَ، وصدروا عنها وهم يحملون علمًا جمًا غزيرًا ظهر بعد في كتب التفسير واللغة التي حُفِظَت، ورواها العلماء. والذي يسعى هذا المبحثُ لدراسته هو تتبع تلك المصادر العلمية التي صدر عنها المفسرون، وأخذوا عنها شواهدهم الشعرية.

وقد تنوعت هذه المصادر بتنوع واختلاف العوامل المكانية، والزمانية، والعلمية للمفسرين. فقد كانت روايةُ الشعرِ شُغلًا شاغلًا للطبقة الأُولى من العلماء الرواة كأبي عمرو بن العلاء والأصمعيِّ، حتى قال المازنيُّ للأَصمعيِّ متعجبًا من سَعَةِ حفظه: إِنَّكَ لتحفظُ من الرَّجَزِ ما لا يحفظه أحدٌ! فقال الأصمعي: إنهُ كانَ هَمَّنَا وسَدَمَنا (٣)، والسَّدَمُ هُوَ الحِرْصُ (٤).


(١) القصص ٢٣ وهي قراءة عاصم في رواية عنه، وقراءة ابن عامر، وأبي جعفر، وشيبة، وقتادة، وأبي عمرو. انظر: السبعة ٤٩٢، حجة القراءات ٥٤٣، النشر ٢/ ٣٤١، إتحاف فضلاء البشر ٥٤٢.
(٢) انظر: مقاييس اللغة ٣/ ٣٣٧، لسان العرب ٧/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٣) انظر: مراتب النحويين ٩٥، المنصف لابن جني ٣/ ٣٣٥.
(٤) انظر: المنصف لابن جني ٣/ ٣٣٥.

<<  <   >  >>