للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقبولةً، ولذلك يُقلِّبُونَهُ على وجوهه، فيستقصون كل ما يُمكن أن يدل عليه هذا البيت من اللغة والنحو وغيرها، وهذه صورة من صور اعتمادهم على الشاهد الشعري، وحرصهم على استفياء جميع دلالاته. ومن ذلك تكرارُ الاستشهاد بالبيت على الوجه الواحد. وذلك إذا تكررت الحاجة إلى بحث الموضوع مرة أخرى، أو موضع مماثل.

١ - ومن أمثلة ذلك قول الشاعر كعب بن سعد الغنوي:

وداعٍ دعا يا مَنْ يُجيبُ إلى النَّدى ... فَلمْ يَسْتَجِبْهُ عند ذاك مُجيبُ (١)

فقد استشهد به أبو عبيدة عند تفسير قوله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [البقرة: ١٨٦] (٢) فقال: «أي: يُجيبوني. قال كعبُ الغَنَويُّ ... » فذكر البيت، ثم قال: «أي: فلم يُجِبهُ عند ذاك مجيبُ». (٣) ثم كرَّر الاستشهاد به على الوجه نفسه، وهو أن الاستجابة والإجابة بمعنىً، في مواضع من كتابه. (٤) واستشهد به ابن قتيبة على الوجه نفسه نقلًا عن أبي عبيدة. (٥)

٢ - ومن الأمثلة كذلك قول الأعشى:

حتى يقولَ الناسُ مِمَّا رأوا ... يا عَجَبًا للميّتِ النّاشِرِ (٦)

فقد استشهد به أبو عبيدة عند تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: ٩] (٧) فقال: «مصدر الناشر، قال الأعشى ... ». (٨) فذكره. ثم كرره للوجه نفسه في مواضع أخرى. (٩)

- شعراء شواهد كتب معاني القرآن وغريبه:

تفاوت نصيب الشعراء في الاستدلال بشعرهم في كتب معاني


(١) انظر: الأصمعيات ٩٦.
(٢) البقرة ١٨٦.
(٣) مجاز القرآن ١/ ٦٧.
(٤) انظر: مجاز القرآن ١/ ١٢٠، ٢٤٤، ٣٢٦، ٢/ ١٠٧.
(٥) انظر: تفسير غريب القرآن ٧٤، ٣٩٣، تأويل مشكل القرآن ٢٣٠.
(٦) انظر: ديوانه ١٩١.
(٧) فاطر ٩.
(٨) مجاز القرآن ٢/ ١٥٣.
(٩) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٠٢، ٢٨٦.

<<  <   >  >>