للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسيره «المُحرَّرُ الوجيز» على ألف وتسعمائة وواحد وثمانين شاهدًا شعريًا (١٩٨١)، اعتمد عليها في شرح المفردات والألفاظ الغريبة، وتوجيه التراكيب النحوية وغير ذلك، مع الوقوف عند بعضها وقفات نقدية تدل على مبلغ علمه بالشعر ونقده، وحسن بصره بالمعاني، ومن أمثلة ذلك:

أولًا: اعتماد الشاهد الشعري في النحو والإعراب.

كان ابن عطية على جانب كبير من علم العربية، وتفسيره حافل بكثير من مباحث العربية نحوها وصرفها ولغتها. ولذلك قال السيوطي في ترجمته: «وألف تفسير القرآن العظيم، وهو أصدق شاهد له بإمامته في العربية وغيرها» (١). وقد اشتمل التفسير على الكثير من مسائل النحو، والإعراب، ولا سيما عند الاختلاف في توجيه القراءات.

ومن أمثلة ذلك ما جاء عند تفسيره قوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: ٦٠] (٢) حيث ذكرَ أحد أوجهِ قراءةِ (عَبَدَ) فقال: «وقرأ ابنُ عباسٍ، وإبراهيمُ بن أبي عبلة: (وعَبَدَ الطاغوتِ) بفتح العين والباء وكسر التاء من (الطاغوتِ)، وذلك على أَنَّ المراد: عَبَدَةُ الطاغوتِ، وحُذفت الهاء تَخفيفًا، ومثلهُ قولُ الراجز (٣):

قَامَ وُلاهَا فَسَقَوهَا صَرْخَدَا (٤)

أراد: وُلاتُهَا، فحَذف تَخفيفًا» (٥).

وعند تفسير قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: ٥٠] (٦)، ذكر أنه: «قرأ يحيى بن وثاب والسلمي وأبو رجاء والأعرج (أَفَحُكْمُ) برفع


(١) بغية الوعاة ١/ ٢٩٥.
(٢) المائدة ٦٠.
(٣) لم أعرفه. .
(٤) صرخد: اسم موضع تنسب له الخمر في شعر الأخطل. انظر: لسان العرب ٧/ ٣١٨ (صرخد).
(٥) المحرر الوجيز ٥/ ١٤٢ - ١٤٣.
(٦) المائدة ٥٠.

<<  <   >  >>