للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد الذي استشهد به من قول النابغة، من اللغويين من فسره كما فسره ابن قتيبة بأنه من التعرض للطلب (١)، ومنهم من فسره بأَنَّه مِنْ خَلَقِ الثيابِ كأنه عارٍ منها (٢)، وسياق البيت يدل على ذلك، فقوله: «خلقًا ثيابي» تفسير للعُرْي المراد والله أعلم.

٢ - وعند تفسير قوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: ٤٣] (٣) قال ابن قتيبة: «يُقال: لا تَعي شيئًا من الخَيْرِ، ونَحوهُ قولُ الشاعر في وَصْفِ الظَّليمِ:

.......................... ... جُؤجؤهُ هَواءُ (٤)

أي: ليس لِعَظْمِهِ مُخٌّ، ولا فيه شيءٌ». (٥)

وهذا هو تفسير أكثر السلف للفظة «هواء»، كابن عباس وغيره، واختاره الطبري فقال بعد أن حكى تفسيرات السلف: «وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل ذلك قول من قال: معناهُ: أَنَّها خاليةٌ، ليس فيها شيء من الخير، ولا تعقل شيئًا. وذلك أن العرب تسمي كل أجوف خاوٍ هواءً» (٦)، واستشهد بشاهدين من الشعر. وهناك أمثلة أخرى في كتاب ابن قتيبة لانفراد الشاهد الشعري بالدلالة على المعننى الغريب للفظة (٧)، مما يعني الثقة بالشاهد الشعري، والاعتماد عليه في بيان الدلالة اللغوية للفظة الغريبة.

[استيفاء جوانب الاستشهاد في الشاهد الشعري]

يَعُدُّ أصحابُ المعاني والغريب الشاهدَ الشعريَّ وثيقةً لغويةً، وحجةً


(١) انظر: لسان العرب ٩/ ١٧٦ (عرا).
(٢) انظر: تهذيب اللغة ٣/ ١٥٩.
(٣) إبراهيم ٤٣.
(٤) جزء من بيت، وتمامه:
كأَنَّ الرَّحْلَ منها فوقَ صَعْلٍ ... مِنْ الظلمانِ جُؤجُؤهُ هَواءُ
منها: من هذه الناقة، فوق صعل: فوق ظليم - وهو ذَكَرُ النعام - دقيق العنق صغير الرأس، جؤجؤه: صدره. انظر: الديوان ٦٣.
(٥) تفسير غريب القرآن ٢٠٠.
(٦) تفسير الطبري (هجر) ١٣/ ٧١٣.
(٧) تفسير غريب القرآن ٢١٩، ٢٥٨.

<<  <   >  >>