للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة عند القرطبي أنه أورد بيت ذي الرمة:

إذَا غَرِقَتْ أَرْبَاضُها ثَنْيَ بَكْرَةٍ ... بِتيهَاءَ لَم تُصْبِحْ رَءُومًا سَلُوبُها (١)

ثم شرح مفرداته بعده فقال: «والأرْبَاضُ: الحِبَالُ، والبَكْرة: الناقة الفتيَّة، وثِنْيُها: بطنها الثاني، وإنما لم تعطف على ولدها لِمَا لَحِقَها من التعب». (٢)

فالمفسرون وأصحاب الغريب، كانوا يشرحون المفردات الغامضة في الشواهد الشعرية بإيجاز، ويكون ذلك ببيانها بمرادفها المشهور أو نحو ذلك، من غير توسع، وإنما بقدر الحاجة.

٢ - بيان اشتقاق المفردة.

ربما عرض المفسرون في شرحهم للشاهد من الشعر لبيان اشتقاق المفردة في الشاهد وهو قليل في كتب التفسير.

ومن الأمثلة قول ابن عطية: «وأَمَّا ثُبَةُ الحَوضِ وهي وسطهُ الذي يثوب الماءُ إليه، فالمَحذوف منها العينُ، وأَصلُها ثَوبَةٌ، وتصغيرها ثُوَيْبَةٌ، وهي من ثَابَ يَثُوبُ، وكذلك قال أبو علي الفارسي في بيت أبي ذؤيب:

فلمَا جَلاها بالأَيَامِ تَحيَّزَتْ ... ثُباتٌ عليها ذُلُّهَا واكتئَابُها

أنه اسم مفرد ليس بجمع، سيق على الأصل؛ لأن أصل ثبة ثبوة، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفًا، فساقها أبو ذؤيب في هذه الحال». (٣)

ومن الأمثلة أن القرطبي بعد أن أورد قول الشاعر:

أَقبلَ سيلٌ جاءَ مِن أمرِ الله ... يَحْرِدُ حَرْدَ الجنَّةِ المُغلَّهْ

ذكر رواية أخرى لَه أنشدها النحاس ثم نقل شرحًا اشتقاقيًا لمفردة


(١) انظر: ديوانه ٢/ ٧٠١.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١/ ٣٨٩.
(٣) المحرر الوجيز ٤/ ١٧٢.

<<  <   >  >>