للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث التاسع: أثر الشاهد الشعري في بيان الأحوال التي نزلت فيها الآيات.

عُني العلماء بِبَيان أسبابِ نُزولِ الآياتِ التي حُفظَ لها سببُ نُزول، حيث «إنَّ معرفةَ سببِ النُّزولِ يُعينُ على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يُورثُ العِلمَ بالمُسَبَّبِ» (١)، وأسبابُ النُّزولِ لا تعرف إلا من طريق النقل، ولا مدخل للعقل فيها، وقد كان المفسرون يستشهدون بشواهد الشعر التاريخية، التي تُبَيّنُ أسبابَ نزول بعض الآيات، ومصدر هذه الشواهد روايات أهل السير والأخبار وكتبهم. وكانت السيرة النبوية لابن إسحاق وتهذيبها لابن هشام من المصادر المهمة للشواهد الشعرية التي تناولت كثيرًا من حوادث نزول القرآن الكريم في مواضع متفرقة.

وقد عني المفسرون بهذا النوع من الشواهد الشعرية لتقوية روايات أسباب النُّزول، وإيضاح ملابسات كثير منها. وأصحاب هذه الأشعار مِمَّن شاهدوا التَّنْزيل كحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك وغيرهم من شعراء الصحابة رضي الله عنهم، ومَنْ عاصر تلك الحقبة من غيرهم من الشعراء.

كما استفاد المفسرون من هذه الشواهد الشعرية في معرفة كثير من أحوال العرب قبل الإسلام، وعادات أهل الجاهلية، وأشعارهم من خير ما يصور حالهم تلك. وقد تعددت فوائد هذه الشواهد الشعرية في إيضاح الأحوال التي نزلت فيها آيات القرآن الكريم، ومن هذه الفوائد:


(١) مقدمة التفسير لابن تيمية ٤٧.

<<  <   >  >>