السلف، وكلام المفسرين، وما لم يجد لهم قولًا في ذلك رجع فيه إلى الشعر، ثم إنه لم يستشهد على كل الألفاظ الواردة وإنما على ما يشكل فهمه، ويغمض معناه. ولذلك قال في مقدمة الغريب:«وغرضنا الذي امتثلناه في كتابنا هذا أن نَختصرَ ونُكْمِلَ، وأن نُوضِّحَ ونُجمِلَ؛ وأن لا نستشهد على اللفظ المُبتذَلِ، ولا نُكثرَ الدَّلالةِ على الحرف المستعمل». (١)
وقد اشتمل كتابه هذا على مائة واثنين وثمانين شاهدًا من الشعر، وهو رقم متوسط بالنسبة لحجم الكتاب، وشواهده كلها من الشواهد اللغوية لاختصاص كتابه ببيان الغريب من ألفاظ القرآن. وقد بلغ عدد الشعراء الذين استشهد بشعرهم في كتابه هذا واحدًا وثمانين شاعرًا، منهم واحد وأربعون من شعراء الجاهلية، وثمانية عشر شاعرًا مخضرمًا، وعشرون شاعرًا إسلاميًا، ولم يحتج بأي شاهد لشاعر أدرك الدولة العباسية، وبلغ عدد شواهده مائة واثنين وثمانين شاهدًا شعريًا.
ويلاحظ مما تقدم أن أبا عبيدة كان أكثر أصحاب الغريب والمعاني من حيث كثرة الشواهد، وعدد الشعراء، والعناية بنسبة الشواهد لقائليها، ثم يأتي بعد ذلك ابن قتيبة، ثم الفراء الذي لم ينسب من شواهده إلا القليل. وقد كان لهذه العناية التي أولاها أبو عبيدة لنسبة الشواهد الشعرية أثرها في كتب غريب القرآن ومعانيه وكتب التفسير بعد ذلك كالطبري، فقد نقل العلماء شواهد أبي عبيدة في كتبهم وتفاسيرهم، ونقلها عنه أصحاب المعاجم اللغوية معزوة روايتها لأبي عبيدة.
- قبائل شعراء شواهد كتب معاني القرآن وغريبه:
تقيَّد أصحاب كتب معاني القرآن وغريب القرآن زمنيًا بشعراء عصور الاحتجاج، وقد أظهر إحصاءُ الشعراء وعدد شواهدهم وعصورهم الزمنية دِقَّةَ الالتزام بتلك الضوابط، وقد أضاف العلماء قيدًا ثالثًا للاستشهاد وهو