للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَرُدُّون في فِيهِ عَشْرَ الحَسُودِ (١)

يعني: أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر، ونحوه قول الهذلي (٢):

قَد افنَى أَنامِلَهُ أَزْمُهُ ... فأَضْحى يَعَضُّ عليَّ الوظِيفا (٣)

يقول: قد أَكَلَ أصابِعَه حتى أَفناها بالعضِّ، فأضحى يَعَضُّ عليَّ وظيفَ الذِّراعِ. وهكذا فَسَّر هذا الحرفَ ابنُ مسعودٍ، واعتباره قولَهُ عزَّ وجلَّ في موضعٍ آخر: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عمران: ١١٩] (٤)». (٥)

[٤ - نسبة الشاهد إلى الكتب والدواوين]

لم يكن لهذا المصدر وهو الكتب أثر كبير في كتب المعاني والغريب المتقدمة نظرًا لكونها من أول المصنفات التي صنفت في بابها، ولقلة المصنفات حينها، وظهور الرواية بين العلماء حتى أنهم لم يكونوا يثقون في الكتب والمصنفات، ولا يعتدون بالرواية من الصحف والكتب. ولذلك قل الاعتماد على المصنفات في ذلك العصر. فلا تكاد تجد في كتاب أبي عبيدة عزوه للشواهد الشعرية إلى كتب متقدمة.

القسم الثاني: توثيق الشاهد الشعري من حيث الدراية.

والمقصود هو عنايتهم بضبط ألفاظ الشاهد الشعري، وشرح معناه شرحًا مزيلًا للغموض عنه. وقد عني بذلك أبو عبيدة في مجاز القرآن فشرح كثيرًا من الشواهد الشعرية شرحًا موجزًا، وربما أطال في شرح بعض الشواهد عند الحاجة إلى ذلك.


(١) لم أقف عليه عند غير ابن قتيبة، ولم يورد غير هذا الشطر هنا، وفي كتابه المعاني الكبير ٨٣٤.
(٢) هو صخر العي الهذلي.
(٣) الأزم: العض الشديد. انظر: ديوان الهذليين ٢/ ٧٣.
(٤) آل عمران ١١٩.
(٥) غريب القرآن ٢٣٠ - ٢٣١.

<<  <   >  >>