للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد أدركنا ثأَرَه، فيكمدُ لذلك ويغتمّ». (١) وهذا الذي ذهب إليه ابن عطية في معنى البيت هو ما ذهب إليه بعض شراح الحماسة كالمرزوقي (٢). والذي يبدو من سياق الأبيات أنه قالها قبل الأخذ بالثأر، ولذلك قال المبرد في معنى البيت: «تأويل هذا البيت أَنَّهُ إذا رأى ما يُصنَعُ عليه من الجَزَعِ، عَلِمَ أَنَّ ثأَرَ مثلِه لا يُتركُ» (٣). أي أنه لم يؤخذ بثأره بعدُ، ولكنه لن يُترَك. وأشار التبريزي إلى ذلك فقال: «وفيه وجه آخر: أي من كان مسرورًا بمقتل مالك شماتةً فليشمت فإنه موضع الشماتة، لأنَّه قيل: إن الربيع بن زياد قال هذا الشعر قبل إدراك الثأر» (٤). وهذا من ابن عطية رحمه الله بيان وشرح لمعنى البيت بذكر ما حوله من أخبار.

سِماتُ شرح الشاهد الشعري عند المفسرين:

أولًا: شرح الشاهد قبل إيراده.

كثيرًا ما يذكر المفسر معنى البيت قبل أن يذكره، فيكتفي بذلك عن شرحه بعد ذكره، وغالبًا ما يكون هذا الشرح مختصرًا، أو مأخوذًا من اللفظة المستشهد لها في التفسير.

ومن ذلك قول الطبري: «وأصلُ الكُفْرِ عند العَرَبِ: تغطيةُ الشيءِ، ولذلك سَمَّوا الليلَ كافرًا؛ لتغطيةِ ظُلمتهِ ما لَبِستْهُ، كما قال الشاعر (٥):

فَتَذكَّرا ثِقْلًا وَئِيدًا بعدَما ... أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينَها في كَافِرِ (٦)» (٧).


(١) المحرر الوجيز ٣/ ١٢٤.
(٢) انظر: شرح الحماسة للمرزوقي ٢/ ٩٩٥.
(٣) التعازي والمراثي ٢٨٠.
(٤) انظر: شرح الحماسة للتبريزي ٣/ ٣٧.
(٥) هو ثعلبةُ بن صُعيْرٍ المازنيُّ.
(٦) قوله: «وئيدًا» مِمَّا نُسِبَ إلى الخليل تصحيفُه، وأن صوابه «رثيدًا» أي: المنضود بعضه فوق بعض. انظر: المفضليات ١٣٠، شرح ما يقع فيه التصحيف ٦٦.
(٧) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ٢٥٥.

<<  <   >  >>