للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: المصادر غير المباشرة.

وأما القسم الثاني من مصادر الشاهد الشعري، فهو المصادر غير المباشرة، وهي الأخذ عن غير الشعراء بأي طريقة، وهذه الطرق هي:

أولًا: الأخذ عن الرواة والعلماء:

وهي أوسع طرق رواية الشعر والشواهد، فقد كان الرواة هم الطريق الذي منه انتشرت رواية الشعر، ونقلت للأجيال التالية، وعنهم نقل كل الشعر الذي دُوِّن بعد ذلك. وقد قسم الباحثون رواة الشعر إلى ست طبقات: الرواة العلماء، والشعراء الرواة، ورواة القبيلة، ورواة الشاعر، ورواة مصلحين للشعر، ورواة وضاعين (١). وأوثق هذه الطبقات هي الطبقة الأولى، ومن أبرزهم أبو عمرو بن العلاء (١٥٤ هـ)، وحماد الراوية (١٥٦ هـ)، وسبب الثقة بهذه الطبقة أنها «اتخذت من الشعر موضوعًا علميًا، تدرسه دراسة، بعد أن تأخذه عن شيخٍ، أو أُستاذٍ في مدرسةٍ من مدارسِ علم الشعر وروايته آنذاك ... وتكون طريقة الدرس هي الرواية الأدبية بدعامتيها: الكتاب والسماع، ثم تقوم بتمحيص ما تجمعه وتفحصه وتنقده، وتميز صحيحه من فاسده، والثابت النسبة من المشكوك فيه، وتنتهي من ذلك إلى تسجيل ما ترجح لديها صحته في نسخة خاصة تصبح هي رواية ذلك الشيخ الراوية العالم، ينقلها عنه تلاميذه وينسبونها إليه» (٢).

وعلى هؤلاء العلماء الرواة تدور رواية معظم الشواهد الشعرية، وإليهم ينتهي علمها، وعلامة ذلك تكرر الشواهد الشعرية منذ عصرهم حتى اليوم، فلا يكاد المفسرون يستشهدون بغير تلك الشواهد الشعرية التي رواها أبو عمرو بن العلاء، وعنه أبو عبيدة والأصمعي، وطبقتهم،


(١) انظر: مصادر الشعر الجاهلي ٦٢٨.
(٢) انظر: المصدر السابق ٦٢٨ - ٦٢٩ بتصرف.

<<  <   >  >>