للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجدت معه رده ونقده، واستبعاد المفسرين له كما مر في الأمثلة.

[٣ - ثقة رواة الشاهد الشعري]

ومن شروط قبول الشاهد الشعري أن يكون مَن رواه ثقةً يُعتمدُ على نقله. فقد اعتمد العلماء على شواهد من الشعر لم يعرف قائلوها، ثقة في رواتها كأبي عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، وسيبويه وأمثالهم ممن يوثق بروايتهم عن العرب، وقد اعتمد العلماء على أبيات سيبويه، مع إغفاله نسبة أكثرها، ثقةً بنقلهِ وأمانتهِ. ومما يدلك على ثقة الناس برواية سيبويه أن الزمخشري ذكر شاهدًا شعريًا ورد في بعض روايات كتاب سيبويه، فرده، وقال معتذرًا لسيبويه: «وما يقع في بعض نُسخِ «الكتاب» من قوله:

فَزَجَجْتُهُ بِمِزَجَّةٍ ... زَجَّ القَلوصَ أَبي مَزَادَهْ

فسيبويهِ بَريءٌ من عُهدتهِ». (١) وذلك لمكانة سيبويه وثقة العلماء بروايته، مع تضعيف القول بما دل عليه هذا الشاهد، فمال الزمخشري إلى تبرئة سيبويه من عهدة هذا الشاهد لثقته به، وقال السِّيْرافي عن هذا الشاهد: «لم يُثبتهُ أَحَدٌ من أهلِ الروايةِ، وهُو من زياداتِ أبي الحسن الأخفش في حواشي كتاب سيبويه، فأدخلهُ بعضُ النُّساخِ في بعض النُّسَخِ، حتى شرحه الأعلمُ وابنُ خَلَفٍ في جُملةِ أبياته» (٢).

اعتماد رواية الثقة:

والمفسرون قد اعتمدوا على أبيات كثيرة مجهولة القائل، إلا أن رواتها الذين رووها عن العرب من العلماء الثقات، فقبلها المفسرون لثقتهم في رواتها، وكتب التفسير مليئة بالشواهد المجهولة القائل التي لم


(١) المفصل ١٢٥.
(٢) شرح كتاب سيبويه ٢/ ٢١٩، ضرورة الشعر لابن السيرافي ١٨٠، خزانة الأدب ٤/ ٤١٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>