للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمخضرمين والإسلاميين والأمويين والعباسيين حتى نهاية القرن الثاني الهجري، وأما في البادية المنقطعة فيحتج بشعر شعرائها حتى نهاية القرن الرابع الهجري، تقديرًا لِبَداوتِهم، وبُعدِهم عن تأثير اللحن (١). فترى أهل العربية يَحتجونَ بشعر ابنِ ميَّادةَ، وأبي نُخيلةَ الراجز، وأبي حيَّةَ النُّميريِّ، وابنِ هَرْمَةَ وكلهم بَدويٌّ فصيحٌ، ولا يَحتجون بِمَن عاصرَهم من شعراء المدنِ مثلِ بشارِ بن بُردٍ، والوليدِ بن يزيد، وأبي نُواس، وأَبي تَمَّام والبُحتريِّ؛ لأَنَّهم من أبناءِ المدينة والحضارة (٢).

ثالثًا - المعيارُ القَبَليُّ:

لهذا المعيار علاقة وثيقة بالمعيار المكاني؛ لارتباط القبيلة - غالبًا - بمكان وبيئة واحدة، وقد اشترط أهل العربية فيمن تؤخذ عنه اللغة، ويجوز الاحتجاج بأشعارهم ألا يكونوا من القبائل التي تسكن أطراف الجزيرة العربية، مجاورين بذلك الأعاجم أو الأحباش أو غيرهم من الأمم، وحجتهم في ذلك الحرص الشديد على سلامة اللغة، وخوفهم من تسرب اللحن إليها.

روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن القرآن نزل على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن، وهم الذين يقال لهم عليا هوازن، وهم خمس قبائل أو أربع، منها سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف (٣). ويقول أبو عمرو بن العلاء: «أفصح الشعراء ألسنًا، وأعربهم أهلُ السروات، وهنَّ ثلاث: وهي الجبال المطلة على تهامة مما يلي اليمن، فأولها هذيل: هي تلي السهل من تهامة، ثم بَجِيلَة السراة الوسطى، وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثُمَّ سَراةُ الأَزْدِ، أَزدِ


(١) انظر: أبحاث في اللغة للدكتور محمد علي سلطاني ٦٥.
(٢) انظر: اللغة بين المعيارية والوصفية للدكتور تمام حسان ١٨٩.
(٣) انظر: المزهر ١/ ٢١٠.

<<  <   >  >>