للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اشتمالِ الصمَّاءِ عند الفقهاء وأهلِ الحديث، ومخالفة أهل اللغة لهم في ذلك، ثم قال: والفقهاء أعلم بالتأويل في هذا، وذلك أصحُّ معنىً في الكلام». فعقب عليه ابن رجب الحنبلي بقوله: «وهذا الذي قاله أبو عبيد في تقديم تفسير الفقهاء على تفسير أهل اللغةِ حَسَنٌ جدًا؛ فإنَّ النَّبِيَّ قَدْ يتكلَّمُ بكلامٍ من كلامِ العربِ يستعمله فِي معنى هُوَ أخصُّ من استعمال العرب، أو أعمُّ مِنْهُ، ويتلقى ذَلِكَ عَنْهُ حَمَلَةُ شريعتهِ من الصَّحَابَة، ثُمَّ يتلقاه عنهم التابعون، ويتلقاه عنهم أئمة العلماء، فلا يَجوزُ تفسير ما ورد في الحديث المرفوع إِلا بِما قاله هؤلاء العلماء الذين تلقوا العلم عَمَّن قبلَهم، ولا يَجوزُ الإعراضُ عن ذلكَ والاعتمادُ على تفسير مَنْ يُفسِّرُ ذلك اللفظَ بِمُجرَّدِ ما يفهمه من لغةِ العربِ؛ وهذا أمرٌ مهمٌّ جدًا، ومَنْ أَهملَه وَقعَ في تحريفِ كثيرٍ من نصوص السنةِ، وحَملِها على غَيْرِ مَحامِلها» (١). فإذا كان هذا في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففي كلام الله من باب أولى.

٢ - صفة اليد.

عند قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: ٦٤] (٢) ذكر المفسرون أن المقصود باليدين في هذه الآية هو يدا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويثبتون لله يدين تليقان بجلاله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لدلالة هذه الآية وغيرها مثل قوله تعالى: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥)} [ص: ٧٥] (٣)، وقولهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)} [الزمر: ٦٧]. (٤)

غير أَنَّ بعض المفسرينَ قد ذهب إلى أَنَّ اليدينِ في هذهِ الآيةِ


(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي ٢/ ٣٩٨ - ٣٩٩.
(٢) المائدة ٦٤.
(٣) ص ٧٥.
(٤) الزمر ٦٧.

<<  <   >  >>