للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِذِي فِرْقَيْنِ يومَ بنو حَبيبٍ ... نُيُوبَهُمُ علينا يَحْرُقُونا (١)». (٢)

قال الفراء: «و (لَنَحْرُقَنَّهُ) لنَبْرُدَنَّهُ بالحديد بَرْدًا، مِن حَرَقْتُ أُحْرِقُه وأَحْرِقُهُ لُغتان، وأنشدني المفضل ... ». (٣)، ثم ذكر الشاهد، وعنه نقل الطبري، والزجاج وغيرهما. (٤)

ومعنى الحَرْقِ في الشاهد الشعري ليس كما ذهب إليه الطبري من أنهُ البَرْدُ بالمِبْرَدِ، وإِنَّما معناهُ مِنْ حَرَقَ البَعيْرُ نابَهُ وبنِابِهِ، إذا حَكَّهُ بغيره، قال أبو عبيد: «الحَرْقُ: حَرْقُ النَّابيْنِ أحدِهِما بالآخر، وأنشد:

أبى الضَّيمَ والنُّعمانُ يَحْرِقُ نَابَهُ ... عليهِ فأَفْضَى والسيوفُ مَعاقِلُهُ (٥)

قال: وحَريقُ النَّابِ صَريفُهُ». (٦) وحَرَقَ من بابِ نَصَرَ وضَرَبَ، إذا صَرفَ بنابهِ وصَوَّتَ مِنْ غيظٍ وغضبٍ كما يصرفُ الفحلُ عند غضبه. وقد ذكر الراغب أن حَرْقَ البعيرِ بِنابهِ، استُعير مِن الحَرْقِ بِمعنى البَرْدِ بالمِبْرَد. (٧) فيكون استشهاد الفراء والطبري بالشاهد استشهادًا للمعنى الأصلي بالمعنى المَجازي المأخوذ منه. وقد أورد هذه اللفظة في كتب الغريب عدد من العلماء (٨).

الاستشهاد لبيان ورود اللفظة في اللغة.

ربما أورد المفسرون الشاهد من الشعر للاستدلال به على مُجرَّدِ


(١) انظر: ديوان الحماسة ١٦٢، شرح الحماسة للمرزوقي ٢/ ٥٧٥.
(٢) تفسير الطبري (هجر) ١٦/ ١٥٥.
(٣) معاني القرآن ٢/ ١٩١.
(٤) انظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٧٥، الإغفال لأبي علي الفارسي ٢/ ٤١٦، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٥٧، تهذيب اللغة ٤/ ٤٤، المحتسب لابن جني ٢/ ٥٨، لسان العرب ٣/ ١٣٣ - ١٣٤ (حرق).
(٥) البيت لزهير بن أبي سلمى كما في ديوانه ١٤٣.
(٦) تهذيب اللغة ٤/ ٤٤.
(٧) انظر: المفردات ٢٢٩، عمدة الحفاظ للسمين ١/ ٤٥٦.
(٨) انظر: غريب القرآن لابن قتيبة ٢٨١، غريب القرآن للرازي ٣٤٦، عمدة الحفاظ للسمين ١/ ٤٥٦.

<<  <   >  >>