للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا في القليل النادر، مما يدل على وحدة المصادر التي استقى منها العلماء الشواهد الشعرية في مختلف العلوم الإسلامية كالتفسير والنحو واللغة، وهم أولئك الرواة من العلماء وغيرهم الذين احترفوا رواية الشعر وصاروا يعرفون بالرواة، مثل حَمَّاد بن مَيْسَرَة الذي يعد أول من أطلق عليه لقب الراوية، وقد سأله الخليفة الأموي الوليد بن يزيد «بِمَ استحققت هذا اللقب فقيل لك: الراوية؟

فقال: بأني أروي لكل شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين أو سمعت به، ثم أروي لأكثر منهم ممن أعرف أنك لم تعرفه ولم تسمع به، ثم لا أنشد شعرًا لقديم ولا محدث إلا ميزت القديم منه من المُحْدَث.

فقال: إِنَّ هذا لَعِلمٌ - وأبيك- كَبِيْرٌ، فكم مقدارُ ما تَحفظُ من الشِّعرِ؟

قال: كثيرًا، ولكني أنشدك على كل حرفٍ من حروف المعجمِ مائةَ قصيدة كبيرة، سوى المقطعات من شعر الجاهلية دون شعر الإسلام» (١).

وقد ذكر الأزهري في مقدمة «تهذيب اللغة» طبقات الرواة والعلماء الذين أخذ عنهم (٢).

وقد ظهر الاعتماد على هذا المصدر - وهم العلماء الرواة - بوضوح من خلال دراسة «مجاز القرآن» لأبي عبيدة، و «معاني القرآن» للفراء، وقد اعتمدا اعتمادًا كبيرًا على هذا المصدر في كتابيهما، في حين اعتمد عليه ابن قتيبة والطبري قليلًا، ولم يعتمد عليه الزمخشري ولا ابن عطية ولا القرطبي لتأخر زمانهم عن زمن الاحتجاج، وانقطاع زمن الرواية.

[مصادر أبي عبيدة في «مجاز القرآن»]

يمكن تقسيم مصادر أبي عبيدة إلى المصادر التالية:


(١) معجم الأدباء ٣/ ٢٤٦ - ٢٤٧.
(٢) انظر: تهذيب اللغة ١/ ٨ - ٢٨.

<<  <   >  >>