للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - إيراد جزء من صدر البيت وجزء من عجزه]

قد يكتفي المفسر بجزء من بيت الشعر، يشتمل على جزء من صدر البيت، وجزء من عجز البيت، ويكون ذلك هو موضع الشاهد من البيت. ومن ذلك قول الزمخشري عند تفسيره قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} [آل عمران: ٨٦] (١): «فإن قلت: علام عطف قوله: {وَشَهِدُوا}؟ قلت: فيه وجهان: أن يعطف على ما في إيمانِهم مِنْ معنى الفعل؛ لأَنَّ معناه: بعدَ أن آمنوا، كقوله تعالى: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ .... } [المنافقون: ١٠] (٢) وقول الشاعر: (٣)

.......... لَيسُوا مُصلحينَ عَشيرةً ... ولا نَاعبٍ .......... ». (٤)

وتَمام هذا البيت هو:

مَشَائِيمُ لَيسوا مُصْلِحينَ عَشِيْرةً ... ولا نَاعِبٍ إِلَّا بِبَيْنٍ غُرَابُهَا (٥)

فقد حذف كلمة (مشائيم) من أول البيت، و (إِلَّا بِبَيْنٍ غُرابُها) من آخره، واكتفى بموضع الشاهد منه وهو ما ذكره.

ومن الأمثلة كذلك قول الزمخشري: «{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا} [الأعراف: ٥٩] (٦) جواب قسم محذوف. فإن قلتَ: مَا لَهُم لا يكادون ينطقون بهذه اللام إلا مع «قد»، وقَلَّ عنهم نَحوُ قوله: (٧)

حَلفتُ لَهَا باللهِ حَلْفةَ فَاجرٍ ... لَنَاموا ......................

قلتُ: إِنَّمَا كان ذلك لأن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدًا للجملة المقسم عليها. التي هي جوابها فكانت مَظِنَّةً لِمَعنى التوقع، الذي هو معنى (قد) عند استماع المخاطب كلمة القسم». (٨)


(١) آل عمران ٨٦.
(٢) المنافقون ١٠.
(٣) هو الأخوص الرياحي كما في الكتاب لسيبويه ١/ ١٦٥، وقيل للفرزدق كما في الكتاب ٣/ ٢٩.
(٤) الكشاف ١/ ٣٨١.
(٥) انظر: الكتاب ١/ ١٦٥، ٣/ ٢٩، الإنصاف ١٦٢.
(٦) الأعراف ٥٩.
(٧) هو امرؤ القيس بن حجر.
(٨) الكشاف ٢/ ١١٢ - ١١٣.

<<  <   >  >>