للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - نسبة الشاهد إلى الكتب والدواوين.

وربما وثق المفسرون الشواهد بنسبتها إلى الكتب التي نقلوا منها، ولو كان شاهدًا مجهولًا، ولا سيما إذا كان الكتاب لمؤلف موثوق كسيبويه والمبرد. ومن ذلك أن «أبيات الكتاب» أصبحت في الثقة بها عند العلماء مضرب المثل، حتى أصبح يكتفى بالقول بأن هذا الشاهد من أبيات الكتاب للدلالة على اعتماد العلماء له.

ومن ذلك قول الزمخشري عند تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١٤٠] (١): «والمراد بالأيام، أوقات الظفر والغلبة، نداولها: نصرفها بين الناس، نديل تارة لهؤلاء، وتارة لهؤلاء، كقوله - وهو من أبيات «الكتاب»:

فيومًا علينَا ويومًا لنا ... ويومًا نُساءُ ويومًا نُسَرّ». (٢)

فقد اكتفى الزمخشري بالإشارة إلى أنه من أبيات كتاب سيبويه مع جهالة قائله، وهذا عنده كاف في الثقة به، والاعتماد عليه. (٣)

وقال الزمخشري في موضع آخر: «وعَبَرتُ الرؤيا بالتخفيف هو الذي اعتمده الأثبات، ورأيتهم ينكرون عَبَّرتُ بالتشديد، والتعبير والمُعَبِّر. وقد عثرتُ على بيت أنشده المُبَرِّد في كتاب «الكامل» (٤) لبعض الأعراب:

رَأيتُ رُؤيا ثُمَّ عَبَّرْتُهَا ... وكنتُ للأَحلامِ عَبَّارا». (٥)

ومن الأمثلة أيضًا على ذلك قول ابن عطية بعد أن أورد تفسيرًا عن كتاب أبي عبيدة، وأورد شاهدًا من الشعر ليس في كتاب أبي عبيدة: «أنشده أبو بكر ابن الأنباري حاشيةً في كتابِ أبي عبيدة». (٦)


(١) آل عمران ١٤٠.
(٢) الكشاف ١/ ٤١٩.
(٣) انظر: الكشاف ١/ ٣٤٤، ١/ ٦٦٠، ٣/ ٨.
(٤) الكامل للمبرد ٢/ ٥٦٢ - ٥٦٣.
(٥) الكشاف ٢/ ٤٧٤.
(٦) المحرر الوجيز (قطر) ٩/ ٣٠٢.

<<  <   >  >>