واضحٌ في ترجيح قولٍ على قولٍ فيها، لا تَخرُجُ أوجهُ الترجيحِ فيها عن ثلاثة أوجهٍ، هي:
١ - الترجيح بين الأقوالِ في تفسير اللفظةِ القرآنيةِ، وبيان معناها في الآية.
٢ - الترجيح بين الأساليب والتراكيب.
٣ - الترجيح بين القراءات، والاختيار منها.
وفيما يأتي بيان لهذه الأوجه، مع ذكر أمثلةٍ عليها من كتب التفسير.
أولًا: الترجيح بين الأقوال في تفسير اللفظة القرآنية.
يكثر اختلاف المفسرين في تفسيرهم للمفردات والألفاظ القرآنية، ويختلف سبب الاختلاف من موضع إلى آخر، فقد يكون لكون اللفظة من المشترك اللغوي (١) مثلًا فيختار كلُّ مُفسِّرٍ ما يَراهُ أَليقَ بالسياقِ، وما يعضدهُ الدليلُ. ويستشهد المفسرون في مثل هذه المسائل بالشاهد الشعري لدعم اختياره، وبيان سببه. وقد كان لعلماءِ اللغةِ أَثَرٌ بارزٌ في جَمع الشواهد الشعرية التي تُبَيِّنُ معاني المفردات، وكانت هذه الشواهد مادةً غزيرةً للمؤلفين في مَعاجمِ اللغة، وكان للمفسرين أَثَرٌ في شرح كثيرٍ من المفرداتِ اللغويةِ شَرحًا يَدلُّ على تَمكنهم من علوم اللغةِ ومعانيِها؛ وتفوقوا على اللغويين بِجَمعهم بين العلمِ بتفاسيرِ السَّلفِ، ومعرفتهم بلغةِ العرب، فوُفِّقوا في شرحهم للمفرداتِ القرآنيةِ، والاستشهاد على معانِيها بالشَّواهدِ الشعريةِ التي تدل على المعاني المقصودةِ في القرآن، والمناسبةِ لسياقِ الآياتِ، وقد سبق بيان ذلك عند الحديث عن منهج المفسرين في
(١) هو اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين أو أكثر دلالة على السواء عند أهل اللغة. انظر: البحر المحيط للزركشي ٢/ ١٢٢، التعريفات ٢٦٩، التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ٦٥٧.