للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه روايةٌ في تفسير القرآن والاستشهاد على ذلك بالشعر.

وأما مكحول فله رواية مفردة، وهي أنه سُئِلَ عن قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: ٤٢] (١) قال: أما سَمعت قول الشاعر:

وَقَامَتِ الحَربُ بِنَا عَلى سَاقْ (٢)

وهذا الشاهد سبق أن استشهد به ابن عباس رضي الله عنهما.

[- موقف التابعين من الاستشهاد بالشعر على التفسير]

الظاهر أن التابعين لم يتحرجوا من إنشاد الشعر، والاعتماد عليه كمصدر من مصادر التفسير، بل حتى من أثر عنه التحرج منه كالحسن البصري قد رويت عنه روايات في الاستشهاد به على التفسير، ففي تفسير قوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩)} [القيامة: ٢٩] (٣) قال الحسن: لفت ساق الآخرة بساق الدنيا، وذكر قول الشاعر:

وَقَامَتِ الحَربُ بِنَا عَلى سَاقْ (٤)

وإن كان قد روي عن الأصمعي أنه سأل سعيد بن المسيب فقال: ها هنا قوم نُسَّاك يعيبون إنشاد الشعر، قال: نَسَكُوا نُسُكًا أعجميًّا (٥). ويروى هذا الخبر عن ابن أنعم، أنه قال: قلت لابن المسيب: إن عندنا رجلًا من الأنصار يقال له: إسماعيل بن عبيد من العُبَّاد، إذا سمعنا نذكر شعرًا صاح علينا، فقال سعيد: ذاك رجلٌ نَسَكَ نُسُكَ العَجَمِ (٦). والآثارُ عن التابعين في تفسير القرآن بالشعر كثيرة، ذكرها أهلُ السُّنَنِ (٧).

بل إن البيئة العلمية في عصر التابعين كانت حافلة بالطلاب الذين


(١) القلم ٤٢.
(٢) انظر: إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٩٩.
(٣) القيامة ٢٩.
(٤) الدر المنثور ١٥/ ١٣٦.
(٥) انظر: البيان والتبيين ١/ ٢٠٢.
(٦) انظر: رياض النفوس في طبقات علماء القيروان للمالكي ١/ ١٠٧.
(٧) انظر: المصنف لابن أبي شيبة، كتاب فضائل القرآن، باب ما فسر بالشعر من القرآن ١٠/ ٤٧٤.

<<  <   >  >>