للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَخَالَتُنَا سِرُّ النِّساءِ مُحرَّمٌ ... عَليَّ وتَشْهادُ النَّدَامَى معَ الخَمْرِ

لَئِنْ لَم أُصَبِّحْ دَاهِنًا ولفيفها ... وناعبها يومًا بِرَاغيةِ البَكْرِ (١)

فقرينةُ هذا الشعرِ تُعطي أَنهُ أرادَ تَحريم جِمَاعِ النساءِ عُمومًا في حَرامٍ وحَلالٍ حتى ينالَ ثأرَهُ، والآيةُ تعطي النهيَ عن أن يواعدَ الرجلُ المعتدةَ أن يطأها بعدَ العدةِ بوجهِ التزويجِ، وأما المواعدةُ في الزِّنا فمحرمٌ على المسلم مع معتدةٍ وغيرها» (٢).

فابن عطية قد اعتمد في اختياره لتفسير السر في الآية على الموازنة بين معاني السرِّ في الشواهد الشعرية التي ذكرها، وترجح لديه بعد النظر في معانيها في شواهد الشعر أن المقصود بالسر هو المواعدة سرًا، وأن تفسير السِّرَّ هنا بالزنا لا وجه له في الآية، وهذا نظرٌ جيدٌ من ابن عطية في شواهد التفسير، وقد خالفَ الطبريَّ في اختياره هذا، حيث ذهب الطبريُّ قبلَهُ إلى أَنَّ السرَّ هُنا بِمَعنى الزنا، وردَّ غيرَه من الأقوال، وَوَجَّهَ شاهدَ الحطيئةِ للمعنى الذي رَجَّحَه (٣). وأمثلة اعتماد ابن عطية على الشاهد الشعري في شرح اللفظة الغريبة متعددة (٤).

خامسًا: اعتماد الشاهد الشعري في مسائل الصرف.

تبدو مسائل الصرف في تفسير ابن عطية قليلة إذا ما وازنتها بمسائل النحو واللغة، غير أنك تجد بعض المسائل الصرفية التي استعان ابن عطية في شرحها وبيانها بشواهد الشعر، ومن ذلك قوله عند تفسيره لقوله


(١) يخاطب عجوزًا من قومه، وقد حدثت عداوة بين ثلاثة بطون من قضاعة: داهن وناعب ورئام، فانضمت داهن وناعب معًا، ضد قوم الشاعر رئام. فحرم النساء على نفسه حلالًا كن أم حرامًا حتى يغير على القوم غارة شعواء. انظر: أمالي القالي ١/ ١٢٧ - ١٢٨.
(٢) المحرر الوجيز ٢/ ٢٢٠.
(٣) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ٥/ ١١٠ - ١١١.
(٤) انظر: المحرر الوجيز ٥/ ٥٨، ٦١، ٧٦، ١٨٠.

<<  <   >  >>