للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلاغي في الآية المفسرة. ومن ذلك عند تفسير قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥] (١) حيث قال: «فإن قلت: لِمَ عَدَلَ عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ قلت: هذا يسمى الالتفات في علم البيان، قد يكون من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة .... وقد التفت امرؤ القيس ثلاث التفاتات في ثلاثة أبيات:

تطاولَ ليلُكَ بالإِثْمِدِ ... ونَامَ الخَليُّ ولَم تَرْقُدِ

وباتَ وباتَتْ لهُ ليلةٌ ... كليلةِ ذِي العَائِرِ الأَرْمَدِ

وذلكَ مِنْ نَبأٍ جَاءني ... وخُبِّرتُهُ عن أَبي الأسودِ» (٢).

فاستشهد بشعر امرئ القيس على هذا الأسلوب العربي الوارد في القرآن في مواضع متعددة، وهو الالتفات. وقد أكثر الزمخشري من الاستشهاد بالشاهد الشعري على الأساليب البلاغية في تفسيره، حتى شهر بذلك.

ومن ذلك أيضًا قوله عند تفسيره لقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (١)} [يونس: ١] (٣) وهو يشير إلى المجاز الحكمي، وهو وصف الشيء بوصف محدثه فقال: «ذو الحكمة لاشتماله عليها، ونطقه بها، أو وصف بصفة محدثة، قال الأعشى:

وغَرِيبةٍ تَأتي المُلوكَ حَكيمةٍ ... قَدْ قُلتُهَا لِيُقَالَ: مَنْ ذَا قَالَهَا (٤)» (٥).

والأمثلة على ذلك عند الزمخشري كثيرة (٦).

خامسًا: اعتماد الشاهد الشعري في توضيح اشتقاق الألفاظ.

ومن أمثلة ذلك قوله عند تفسير البسملة: «و «الله» أصله: الإله. قال (٧):


(١) الفاتحة ٥.
(٢) الكشاف ١/ ١١٨ - ١١٩.
(٣) يونس ١.
(٤) انظر: ديوانه ٧٧.
(٥) الكشاف ٢/ ٢٥٦.
(٦) انظر: الكشاف ١/ ٣٩ - ٤٠، ٥٣، ٥٩، ٨٠ - ٨١، ٤٨٥، ٣/ ٢٣، ٢٦٨، ٥٤٥، ٤/ ٤٧٥.
(٧) هو الشاعر البعيث بن حُريث المَجاشعي.

<<  <   >  >>