للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستشهاد للقاعدة النحوية أو لما خرج عنها.

١ - عند تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة: ٢٧] (١) ذكر ابن عطية أنَّ «الميثاق» اسمٌ في موضع المصدر فقال: «مِيْثاق مِفْعال من الوثاقة، وهي الشدُّ في العَقْدِ والربطُ ونحوه، وهو في هذه الآية اسمٌ في مَوضعِ المصدرِ، كما قال عمرو بن شبيم (٢):

أكُفرًا بعدَ رَدِّ الموتِ عَنِّي ... وبعدَ عَطَائِكَ المائةَ الرِّتاعا؟ (٣)

أراد: بعد إعطائك». (٤) فعطاء اسم في موضع المصدر إعطاء، وقد عَمِلَ عَمَل المصدر، والمفعول الثاني محذوف، تقديره: بعد إعطائك المائة الرتاعَ إِيَّايَ. فكذلك «مِيثاق» اسمٌ يراد به المصدر «إيثاق» (٥)، فيكون معنى الآية: الذين ينقضون عهد الله بعد إيثاقه. وهذا الشاهد أورده شراح ألفية ابن مالك على أن العطاء اسمُ مصدرٍ عَمِلَ عَمَلَ المصدر. (٦)

٢ - ذكر القرطبي اختلاف النحويين في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [البقرة: ٨٣] (٧)، فقد اختلفوا في موضع {لَا تَعْبُدُونَ} ووجهِ تعلُّقِها بِمَا قبلها، وكان مِمَّا ذَكَرَ تَخطئَتَه المُبَرِّدَ لقول من قال: إن أصله (بأن لا تعبدوا)، ثم حُذفت (أَنْ) والباء فارتفع؛ لأَنَّ المبردَ لا يرى هذا التقدير، فقال القرطبي لرد هذا: «قلتُ: ليس هذا بخطأ، بل هما وجهان صحيحانِ، وعليهما أنشد سيبويه:

أَلا أَيُّهذا الزَّاجري أَحضُرُ الوَغَى ... وأَنْ أَشهَدَ اللذاتِ هل أَنتَ مُخْلِدي (٨)


(١) البقرة ٢٧.
(٢) هو القطامي التغلبي.
(٣) انظر: ديوانه ٢٦٥.
(٤) انظر: المحرر الوجيز ١/ ١٥٦ - ١٥٧، تفسير الطبري (هجر) ١/ ٤٣٩.
(٥) انظر: تهذيب اللغة ٩/ ٢٦٦.
(٦) انظر: خزانة الأدب ٨/ ١٣٦.
(٧) البقرة ٨٣.
(٨) البيت من معلقة طرفة بن العبد، وهو في ديوانه ٣٢.

<<  <   >  >>