للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنصب والرفع، فالنصب على إضمار أَنْ، والرفع على حذفها». (١)

وقد بحثت في كتاب سيبويه فلم أجده روى هذا الشاهد إلا بالرفع فحسب (٢)، وهو مذهب البصريين الذين ينكرون عملَ أَنْ مضمرةً من غَير بَدَلٍ، ويُنكرونَ أو يؤولون روايتَه بالنصب، وهي مسألة خلافية بين المذهبين.

قال ابن الأنباري: «فالرواية عندنا - أي البصريين- على الرفع وهي الرواية الصحيحة، وأما من رواه بالنصب فلعله رواه على ما يقتضيه القياس عنده من إعمال (أن) مع الحذف فلا يكون فيه حجة، ولئن صحت الرواية بالنصب فهو محمول على أنه توهم أنه أتى بأَنْ فنصب على طريق الغلط». (٣) فقد وَهِمَ القرطبيُّ في نسبتهِ وجهَ النَّصبِ في الشاهد لسيبويه.

٣ - وربما يورد المفسرون الشاهد الشعري لتوضيح ما خرج عن القاعدة من الشواهد الشاذة المشهورة.

ومن ذلك قول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢١٥] (٤): «ويصحُّ أن تكونَ «ماذا» اسْمًا واحدًا مُركَّبًا في موضع نصبٍ بـ {يُنْفِقُونَ}، فيعْرَى

من الضميرِ، ومتى كانت اسمًا مركبًا فهي في موضع نصبٍ، إِلَّا ما جاء من قول الشاعر (٥):

وماذا عَسى الواشُونَ أَنْ يتحدثوا ... سِوى أَنْ يقولوا: إِنَّنِي لكِ عَاشقُ (٦)

فإنَّ «عسى» لا تعملُ فيما قبلَها (٧)، فـ «ماذا» في موضع رفعٍ، وهو


(١) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٣.
(٢) انظر: الكتاب ٣/ ٩٩.
(٣) الإنصاف ٤٥٢.
(٤) البقرة ٢١٥.
(٥) هو جميل بن معمر، وقيل لمجنون ليلي.
(٦) انظر: ديوان جميل ٧٧، سرح العيون ٣٥٥، خزانة الأدب ٦/ ١٥٠ فقد نسباه للمجنون.
(٧) سقطت عبارة: «فيما قبلها». من طبعة المغرب، والمعنى لا يستقيم بدونها، =

<<  <   >  >>