للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١ - عنايتهم برواية الشاهد الشعري والانفراد بالرواية]

انفرد بعض أصحاب كتب المعاني والغريب ببعض الشواهد الشعرية، أو برواية مختلفة لبعضها. ولا غرابة في ذلك لتقدمهم، وعدم وصول كتب المتقدمين في التصنيف عليهم. ولذلك فإن انفرادهم بهذه الشواهد أمرٌ طبيعيٌ لهذه الأسباب. ومن أمثلة ذلك في كتب غريب القرآن ومعانيه:

انفرد أبو عبيدة بروايةٍ لقول الشاعر:

لِيُبْكَ يزيدُ ضارعٌ لِخُصومَةٍ ... ومُختبطٌ مِمّا تُطيحُ الطوائحُ (١)

فرواه هكذا:

لِيُبْكَ يزيدُ بائسٌ لِضَراعةٍ ... وأَشعث مِمّا طَوَّحتهُ الطّوائحُ (٢)

ونَسَبَ هذا الشاهدَ للشاعر نَهْشلِ بن حَرِّيِّ (٣) في رثاء أخيه.

فأما اختلاف الرواية للبيت فهي كما هو ظاهر لم تتعرض لموضع الشاهد، وهو رفع (ضارعٌ) بفعل مضمر يدل عليه ما قبله، لأنه لما قال: «لِيُبْكَ» دلَّ على أَنَّ ثَمَّ باكيًا، يَجبُ عليه أن يبكي، فكأَنَّه قال: يَبْكيهِ ضارعٌ ومُختِبطٌ، وهو من بابِ: ضُرِبَ زيدٌ، عمروٌ، كأنه لما قال: ضُرِبَ زيدٌ، قيل له: مَنْ ضَرَبَهُ؟ فقال: ضربه عمرو. (٤) قال القيسي: «ومثله قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ} [النور: ٣٦، ٣٧] (٥)


(١) انظر: الكتاب ١/ ٢٨٨، المقتضب ٣/ ٢٨٢، الأصول لابن السراج ٢/ ٣٢٧، المحتسب ١/ ٢٣٠، الإيضاح للقيسي ١/ ١٠٩، شرح المفصل ١/ ٨٠، شرح التصريح ١/ ٢٧٤، خزانة الأدب ١/ ١٤٧.
(٢) انظر: مجاز القرآن ١/ ٣٤٩.
(٣) هو نَهشلُ بنُ حَرِّيِّ نسبةً إلى الحَرَّةِ. انظر: إيضاح شواهد الإيضاح للقيسي ١/ ١٠٩.
(٤) انظر: إيضاح شواهد الإيضاح للقيسي ١/ ١٠٩.
(٥) النور ٣٦ - ٣٧ قرأ بالبناء للمجهول (يُسَبَّحُ) ابن عامر وشعبة عن عاصم. وقرأ بالبناء للمعلوم (يُسَبِّحُ) ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم. انظر: =

<<  <   >  >>