للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزيارة، قال الشاعر (١):

لقَدْ سَمَا ابنُ مَعْمَرٍ حينَ اعْتَمَرْ ... مَغزًى بَعِيدًا مِن بَعيدٍ وضَبَرْ» (٢).

فاعتمد في تفسيره للعمرة في اللغة على بيت من الرجز للعجاج التميميِّ، وأنها بمعنى الزيارة، وهي كذلك عند غير تميم، كما في قول عمرو بن أحمر الباهلي عند بعضهم:

يُهِلُّ بِالفَرقَدِ رُكبانُها ... كَما يُهِلُّ الراكِبُ المُعتَمِر (٣)» (٤).

والأمثلة على اعتماد القرطبي على تفسير غريب القرآن بشواهد الشعر كثيرة (٥).

ثانيًا: اعتماد الشاهد الشعري في تأصيل القواعد النحوية.

من أكثر القضايا التي تعرض لها القرطبي، واستعان فيها بشواهد الشعر المسائل النحوية المرتبطة بالآيات. ومن ذلك ما ذكره عند حديثه عن إعمال البصريين «أَنْ» المخففة، حيث قال: «قال سيبويه: حدثنا مَنْ أَثقُ بهِ أَنَّه سَمع العربَ تقول: إِنْ زَيدًا لَمُنْطَلِقٌ، وأنشدَ قولَ الشاعرِ:

كأَنْ ظَبيةً تَعطُو إِلى وَارِقِ السَّلَمْ (٦)

أرادَ: كأَنَّها ظبيةٌ، فَخفَّفَ ونصبَ ما بعدها» (٧). وهو بهذا يتابع سيبويه في استعانته بالشاهد الشعري في تقعيد القواعد النحوية، وهذا البيت من شواهد سيبويه (٨).


(١) هو العجاج الراجز.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٦٦.
(٣) انظر: ديوانه ١٧٨، مقاييس اللغة ٤/ ١٤١، لسان العرب ٩/ ٣٩٤ (عمر).
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٣/ ١٤٨.
(٥) انظر: الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٩٧، ١٩٨، ٢١١، ٢١٥، ٣/ ٣٧٧، ٣٨٦، ٤٠٩، ٤١٣، ٦/ ١٤٣، ١٤٥، ١٥٩، ١٠/ ١٢٥، ١٢٨، ٣٥١، ١١/ ١٦٨، ١٢/ ١٢٩، ١٣٠، ٢٨٣.
(٦) الكتاب ٣/ ١٦٥.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٨١.
(٨) انظر: الكتاب ٢/ ١٣٤، ٣/ ١٦٥.

<<  <   >  >>