للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتاريخية من مجموع شواهد التفسير التي بلغت أربعة الآف وثمانمائة وسبعة شواهد شعرية (٤٨٠٧).

١ - ومن الأمثلة على ذلك ما جاء عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] (١)، حيث قال: «والمَروةُ واحدةُ المَرْوِ، وهي الحجارةُ الصغارُ التي فيها لِيْنٌ، وقد قيل: إنها الصِّلابُ. والصحيحُ أنَّ «المَرْوَ» الحجارةُ، صَلِيبُها ورخوها، الذي يتشظى وترقُّ حاشيته، وفي هذا يقال: المرو أكثر، ويقال في الصليب، قال الشاعر (٢):

وتُولِّى الأرضَ خُفًّا ذابِلًا ... فإِذا مَا صَادفَ المَرْوَ رَضَخْ (٣)

وقال أبو ذؤيب:

حتى كَأَنِّي لِلحَوَادثِ مَرْوَةٌ ... بِصَفَا المُشَقَّرِ كُلَّ يَومٍ تُقْرَعُ (٤)» (٥).

فقد اعتمد القرطبي في اختياره لتفسير المروة عند العرب، وأنها الحجارة صليبها ورخوها، كل ذلك تسميه العرب مَرْوًا على شاهدين من الشعر، أحدهما للأَعشى البَكريِّ، والآخر لأبي ذؤيبٍ الهُذَلي، مِمَّا يعني أَنَّها لغةٌ عربيةٌ مشتركة بين عدة قبائل.

٢ - ومن الأمثلة كذلك على اعتماده على الشاهد في تفسير الغريب قوله: «قوله تعالى: {أَوِ اعْتَمَرَ} [البقرة: ١٥٨] (٦) أي: زار، والعُمْرَةُ:


(١) البقرة ١٥٨.
(٢) هو الأعشى ميمون بن قيس يصف ناقته.
(٣) رواية الديوان:
وتُولِّى الأرضَ خُفًّا مُجْمَرًا ... فإِذا مَا صَادفَ المَرْوَ رَضَحْ
أي أن ناقته تطأ الأرض بخف صلب مجتمع، إذا وطأ المرو سحقها. انظر: ديوانه ٢٩١.
(٤) المُشَقَّرُ: سوقٌ بالطائف، وقيل بهجر. ويُروى «المُشرَّق»، وهو موضع بالخيفِ من مِنى. انظر: ديوانه ٣٤، ديوان الهذليين ١/ ٣، شرح أشعار الهذليين ١/ ٣، ٩، وانظر بحث بعنوان (المُشَقَّر في الشعر الجاهلي) للدكتور عبد الحميد المعيني بمجلة الدرعية، العددان ٦، ٧ شهري ٤، ٧ - ١٤٢٠ هـ ص ٥٤٦.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٦٥.
(٦) البقرة ١٥٨.

<<  <   >  >>